الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قولنا بوقوع الطلاق ثلاثا على من تلفظ به لم نبتدعه من عند أنفسنا، وإنما هو قول جماهير أهل العلم سلفا وخلفا، ولا تتصور أن يكون كل هؤلاء لا عقول لهم، فأولى بالسائل أن يرجع باللوم على هؤلاء جميعا لا علينا، ثم إننا لم نفت بوقوع الطلاق في هذه الحالة إلا ونعرج بذكر خلاف القائلين باحتسابها واحدة وهو مذهب قوي له حظ من النظر، فلا وجه لكل هذه الشدة في كلام السائل، ومن يطالب الآخرين بالعدل وتحكيم العقل فليبدأ بنفسه. وراجع على سبيل المثال الفتوى رقم: 119397.
أما طلاق من غلب على عقله أو فقد إرادته أو اختياره بنحو وسواس أو جنون أو إكراه تحققت شروطه، أو سحر أو غضب شديد فإنا نفتي بعدم وقوع طلاقه ما لم يثب إليه عقله أو اختياره ويطلق بمحض إرادته فحينئذ يقع الطلاق. وراجع الفتويين: 117579 ،11577 . ففيهما حكم طلاق المسحور، والفتوى رقم: 11566 ففيها حكم طلاق الغضبان، والفتوى رقم: 40934 ففيها حكم طلاق المكره، والفتوى رقم: 128080 ففيها حكم طلاق الموسوس.
مع التنبيه على أن تهديد المرأة زوجها بقتل نفسها لا يعتبر من الإكراه ولو كانت مسحورة لقدرته على منعها من ذلك بغير الطلاق، فإن لم يقدر على منعها من ذلك إلا بالطلاق بمعنى أنه تعين الطلاق طريقا لإنقاذها من ذلك فحينئذ لا يقع كما بيناه في الفتوى رقم: 121714.
والله أعلم.