الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبيع الوصل إنما هو بيع، فهذه المواد التي باعتها الدولة للموظف وهي لا تخلو من أن تكون في ذمة الدولة بمعنى: أن الموظف أسلم لها فيها رأس المال ـ مليوني دينار ـ ولا تزال في ذمتها، أو تكون موجودة ومعينة فعلى الاحتمال الأول يكون بيع الموظف لها من باب بيع الدين على غير من هو عليه، وقد اختلف أهل العلم في ذلك، والذين أجازوه اشترطوا شروطا جاءت في الفتوى رقم: 25114، وممن رجح الجواز شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقال في مجموع الفتاوى: فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَسْلِفِ كَمَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ سَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَهَذَا ـ أَيْضًا ـ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ أَحْمَد، نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ بَيْعِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، كَمَا نَصَّ عَلَى بَيْعِ دَيْنِ السَّلَمِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَكِلَاهُمَا مَنْصُوصٌ عَنْ أَحْمَد فِي أَجْوِبَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَجْوِبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ وَهُوَ قِيَاسُ أُصُولِ أَحْمَد.
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: إذا باع ديناً في ذمة مقر على شخص قادر على استخراجه، فالصواب أنه جائز، لأنه لا دليل على منعه، والأصل حل البيع، لقول الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة: 275}.
وعلى الاحتمال الثاني: يكون بيع الموظف لها من باب البيع قبل القبض وهو محل خلاف في بين أهل العلم ما لم يكن المبيع طعاما من معاوضة، وتراجع الفتوى رقم: 35754.
وعلى كل، فلا بد في مثل حال السائل من مراعاة نظام الدولة هل يسمح ببيعه أو لا؟ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود، وصححه السيوطي.
والله أعلم.