الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما حلف زوجك بالطلاق ألا تخرجي من الغرفة فهذا يرجع فيه لنيته فإن كان يقصد فترة معينة فتتعلق اليمين بهذه الفترة فإن خرجت قبل انقضائها وقع اليمين وإن خرجت بعد انتهائها فلا يقع شيء , وإن لم ينو شيئا فحينئذ يرجع إلى ما حمله على اليمين وهيجه عليها فيتعلق اليمين به ويزول حكم اليمين بزواله.
قال الدردير في الشرح الكبير: ثم إن عدمت النية أو لم تضبط، خصص اليمين وقيد بالبساط، وهو السبب الحامل على اليمين، إذ هو مظنة النية وليس هو انتقالا عنها، ومثلوا لذلك بمن أراد أن يشتري شيئا فوجد عليه الزحام، فحلف ألا يشتريه في ذلك اليوم، وبعد قليل خفت الزحمة أو وجده في مكان آخر لا زحام فيه فاشتراه، فإنه لا يحنث، لأن السبب الذي حمله على اليمين هو الزحام وقد زال. " انتهى بتصرف.
وإنما أرجعنا الأمر في ذلك كله لنيته وقصده لأن المرجع في أمر الأيمان إلى النيات والقصود , كما بيناه في الفتويين رقم: 35891, 80610.
أما تعليقه الطلاق على خروجك من البيت فإن كان يقصد من ذلك زجرك عن الخروج ثم خرجت بدون علم بهذه اليمين والحال أنك ممن يبالي بيمينه بمعنى أنك لو عرفت بها ما خرجت فهنا لا يقع الطلاق بخروجك , لعدم علمك به , وقد بينا هذا مفصلا في الفتوى رقم: 52979.
أما تنجيزه الطلاق بلفظه الصريح بقوله أنت طالق فهذا طلاق واقع بلا خلاف وما دام زوجك قد استفتى بعض أهل العلم وأعلمه بحقيقة نيته وأفتاه بعدم وقوع الطلاق في المرة الأولى فعليك أن تصدقيه في ذلك لأن اليمين إنما يرجع فيها لنيته, ونيته لا تعلم إلا من جهته فوجب تصديقه في ذلك.
وفي النهاية ننبه على أمرين:
الأول: أن الراجح من كلام أهل العلم في أمر الحلف بالطلاق هو ما ذهب إليه جمهورهم من أن حكمه حكم الطلاق المعلق فيقع بوقوع ما علق عليه وهذا ما نفتي به , وخالف في ذلك بعض أهل العلم فجعلوا فيه كفارة يمين فقط عند حصول المعلق عليه , وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 11592.
الثاني: أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا إذا وصل بصاحبه إلى حد الإغلاق وراجعي حكم طلاق الغضبان في الفتوى رقم: 11566.
والله أعلم.