الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نفهم -على وجه التحديد- مقصودك بقولك (إن تكلمت مع أحد فإنك تكونين قد أشركت)، فإن كنت تقصدين بذلك الحلف على ترك الكلام على النت فإن تكلمت فإنك على غير ملة الإسلام فهذا حرام لا يجوز، وقد ارتكبت بذلك إثماً عظيماً لما جاء في الصحيحين عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بملة غير ملة الإسلام فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جنهم. وروى أبو داود والنسائي عن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف فقال إني بريء من الإسلام فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً فلن يرجع إلى الإسلام سالماً. صححه الألباني. فعليك أن تتوبي إلى الله سبحانه من هذا الفعل القبيح والعزم على عدم العود إليه مرة أخرى، والصحيح أن قائل هذا لا يكفر إلا إذا أراد الرضا بالكفر عند فعل ما علق عليه.
وأما حديثك مع أصدقائك بعد هذا فيرجع فيه إلى نيتك فإن كنت قد قصدت باليمين ترك الحديث مع الناس باستثناء هؤلاء الأشخاص، أو قصدت ترك الحديث فترة محددة وكان حديثك معهم بعد انتهاء هذه الفترة فهنا لا يقع الحنث، أما إن كنت تقصدين ترك الكلام على النت مع جميع الناس في جميع الأوقات فحينئذ تكونين قد حنثت، في يمينك وقد اختلف العلماء في الحنث في هذه الحالة هل يوجب الكفارة أم لا، قال الحافظ في الفتح: قال ابن المنذر: اختلف فيمن قال أكفر بالله ونحو ذلك إن فعلت كذا، ثم فعل، فقال ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وقتادة وجمهور فقهاء الأمصار لا كفارة عليه، ولا يكون كافراً إلا إن أضمر ذلك بقلبه، وقال الأوزاعي والثوري والحنفية وأحمد وإسحاق هو يمين وعليه الكفارة، قال ابن المنذر والأول أصح لقوله: من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ولم يذكر كفارة. انتهى.
والراجح عدم وجوب الكفارة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 2042، والأحوط إخراجها مراعاة لقول من قال بذلك... أما إذا لم تكن لك نية معينة فحينئذ يرجع إلى ما حملك على اليمين وهيجك عليها والظاهر أن ما حملك على هذه اليمين هو الرغبة في الابتعاد عن مداومة استخدام النت فلا يدخل فيه حينئذ السؤال العابر عن الأصدقاء ونحو ذلك ولا يقع به الحنث، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 33738، والفتوى رقم: 119020.
والله أعلم.