الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنحن أولا نحذرك من الوسوسة والاسترسال معها، وندعو الله لك ولجميع المبتلين بها بالعافية، فعليك أيها الأخ الكريم أن تستمر في مجاهدة هذا الداء، وأن تعرض عن كل ما يعرض لك من الوساوس إلى أن يمن الله عليك بالعافية التامة، وانظر الفتوى رقم: 51601.
وأما عن تساؤلاتك، فإذا كان هذا الدم يخرج من غير السبيلين أي من غير المخرج المعتاد للبول والغائط- كما يفهم من السؤال- فإنه ليس ناقضا للوضوء على الراجح عندنا سواء قل أو كثر، وانظر لبيان نواقض الوضوء المجمع عليها والمختلف فيها الفتوى رقم: 1795.
وأما عن الاستنجاء من البول فإنه إذا غلب على ظنك انقطاع الخارج من البول فإنك تستنجي وتتوضأ ولا تلتفت إلى ما يعرض لك من شك في خروج شيء منك بعد هذا، فإذا تيقنت من انتقاض وضوئك بخروج شيء من البول فإن عليك إعادته بعد الاستنجاء وتطهير الثياب، وأما مع الشك فلا تلتفت إليه لأن بقاء الطهارة هو اليقين، وانظر للفائدة هاتين الفتويين: 112530، 118676.
وعليه فصلاتك صحيحة في ما مضى ولا يلزمك غير ما ذكرناه لك.
وأما تقطعك في الصلاة وتفريطك فيها أحيانا فهو ذنب عظيم وجرم جسيم يستوجب منك التوبة النصوح إلى الله تعالى، والندم على هذا التفريط وتلك الجناية، وانظر لبيان خطر ترك الصلاة الفتوى رقم: 130853 والواجب عليك الآن عند جمهور العلماء هو أن تعرف عدد الصلوات التي تركتها، فإن لم تعرف عددها بيقين فإنك تتحرى وتقضي ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة الذمة، ولا يلزم تعيين نية اليوم المعين في قضاء الصلاة، فلا يلزم أن تنوي قضاء ظهر يوم كذا وإنما يكفيك نية الظهر وتبرأ ذمتك بذلك كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 132808.
وأما شكك في كونك تأتي بما تصير به كافرا فوسوسة لا تلتفت إليها فإن الأصل هو بقاء إسلامك وتوحيدك فلا يزول هذا الأصل إلا بيقين، فحذار من الاسترسال مع أمثال هذه الوساوس.
وأما ما عملته من الطاعات في زمن تركك للصلاة أو مع تقصيرك في القضاء فإنه مقبول إن شاء الله فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، ومع التوبة النصوح فإن الله تعالى يبدل سيئاتك حسنات ويمحو عنك إثم ما ارتكبته من ترك الصلاة ويذخر لك ثواب طاعاتك، وعليك أن تبادر بقضاء ما عليك إبراء لذمتك وخروجا من عهدة التكليف، وعليك أيضا أن تداوم على حضور مجالس العلم وحلق الذكر لتعبد ربك تعالى على بصيرة وعليك بالإقبال على الله تعالى والاجتهاد في الدعاء بأن يعينك الله تعالى على ذكره وشكره وحسن عبادته.
والله أعلم.