الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت زوجتك بصبرها على أذى أمك، وهكذا ينبغي أن تكون الزوجة إذا كانت تتأذى من أم زوجها، براً منها بزوجها وحسن معاشرة له، وهذا مما تزداد به الألفة والمودة بين الزوجين، وعليك بالاستمرار في نصح أمك بأسلوب طيب فيما يقع منها من منكرات تجاه زوجتك وخاصة ما يتعلق بعرضها، وانظر الفتويين رقم: 15776، ورقم: 32178.
وإذا وجدت من ترجو أن ينفعها نصحه من فاضل أو قريب ونحوهما فاستعن به، ولا تنس أن تدعو الله تعالى لها بالهداية والصلاح، وإذا كانت زوجتك صالحة فلا يلزمك تطليقها لمجرد رغبة أمك في ذلك، فقد نص الفقهاء على أن الطاعة في مثل هذا ليس من البر في شيء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 1549.
وللزوجة الحق في مسكن مستقل تأمن فيه الضرر على نفسها، ولا يلزمها أن تسكن مع أي أحد من أقارب الزوج، وراجع في هذا الفتوى رقم: 34802، وهذا الحق مقدم على قضاء الدين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من الواجبات ما يقدم على وفاء الدين ـ كنفقة النفس والزوجة والولد الفقير ـ ومنها ما يقدم وفاء الدين عليه ـ كالعبادات من الحج والكفارات ـ ومنها ما يقدم عليه، إلا إذا طولب به كصدقة الفطر.
انتهى.
ومسكن الزوجة من باب النفقة، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية قولهم: والمقصود بالنفقة توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام، ومسكن، وخدمة، فتجب لها هذه الأشياء ـ وإن كانت غنية ـ لقوله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.
وقال عز من قائل: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ.
انتهى.
وفي الختام نذكرك بأن تتلطف بأمك وأن تحرص على برها والإحسان إليها وأن تحذر أن يصدر منك أدنى إساءة إليها، فإن برها واجب ـ وإن أساءت ـ وانظر الفتوى رقم: 104477.
والله أعلم.