الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 44020، تفصيل مذاهب أهل العلم حول نفقة الأقارب وذكرنا رجحان أن الجد تجب عليه نفقة أولاد ابنه إذا توفرت الشروط لذلك وهي:
1ـ أن يكون الأولاد فقراء لا مال لهم ولا كسب.
2ـ أن تكون فاضلة عن نفقته ونفقة زوجته ورقيقه وأولاده وأبويه، ففي دقائق أولي النهي ممزوجا بمنتهي الإرادات للبهوتي الحنبلي متحدثا عن ترتيب المنفَق عليهم حسب الاستحقاق: ومن لم يكف ما فضل عنه ـ أي عن كفايته ـ جميع من تجب نفقته عليه لو أيسر بجميعها بدأ بزوجته، لأن نفقتها معاوضة فقدمت على ما وجب مواساة، ولذلك تجب مع يسارهما وإعسارهما بخلاف نفقة القريب، فنفقة رقيقه، لوجوبها مع اليسار والإعسار كنفقة الزوجة، فنفقة أقرب فأقرب، لحديث طارق المحاربي: ابدأ بمن تعول ـ أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك ـ أدناك أي الأدنى فالأدنى، ولأن النفقة صلة وبر ومن قرب أولى بالبر ممن بعد، ثم مع استواء في الدرجة يبدأ بالعصبة ـ كأخوين لأم أحدهما ابن عم ـ قاله في شرحه، ثم التساوي فيقدم ولد على أب، لوجوب نفقته بالنص ويقدم أب على أم، لانفراده بالولاية واستحقاق الأخذ من مال ولده وقد أضافه إليه صلى الله عليه وسلم بقوله: أنت ومالك لأبيك ـ وتقدم أم على ولد ابن، لأنها تدلي إليه بلا واسطة ولها فضيلة الحمل والرضاع والتربية ويقدم ولد ابن على جد، كما يقدم الولد على الأب . انتهى
وما ذكرناه من وجوب النفقة على الجد هو فيما إذا انفرد بالغني بين ورثة المنفق عليهم، وأما إذا كان ثمت من ورثتهم من هو غني ـ كالأم هنا ـ فإن النفقة تكون على الجد وعليها كل بحسب إرثه فيكون عليها هنا السدس وعلى الجد الباقي، لأنهما يرثان كذلك، وهذاعند الحنابلة والحنفية خلافا للشافعية، قال ابن قدامة في المغني:
وجملته أنه إذا لم يكن للصبي أب, فالنفقة على وارثه، فإن كان له وارثان, فالنفقة عليهما على قدر إرثهما منه, وإن كانوا ثلاثة أو أكثر, فالنفقة بينهم على قدر إرثهم منه، فإذا كان له أم وجد, فعلى الأم الثلث والباقي على الجد، لأنهما يرثانه كذلك، وبهذا قال أبو حنيفة.
وقال الشافعي: النفقة كلها على الجد، لأنه ينفرد بالتعصيب, فأشبه الأب. انتهى.
أما المسكن: فهو تابع للنفقة، قال الشيخ السعدي في تفسيره: لأن السكن تبع للنفقة. انتهى.
وتقرير النفقة والمسكن، أو تقديرهما في حال حصول نزاع فيهما، من اختصاص القضاء، كما هو الحال في كافة النزاعات.
والله أعلم.