الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر، ولكن هذا السحر لم يضره في بدنه ولا في عقله وإدراكه ودينه وعبادته ولا في شيء مما يتعلق برسالته، وما نسبه السائل للمذكورين قاله قبلهم بعض المتكلمين والمبتدعة ورد عليهم أهل العلم في زمانهم ـ كابن القيم وابن حجر وغيرهما ـ وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 14622، 130963، 36550، وما أحيل عليه فيها.
وقد كان ما وقع له صلى الله عليه وسلم من السحر بعد الهجرة في المدينة المنورة وبعد صلح الحديبية، ولذلك فلا علاقة له بالآية المذكورة، لأنها نزلت بمكة، وما وقع له صلى الله عليه وسلم من تأثير السحر لا يستلزم نقصاً ولا محالاً شرعياً، لأنه من نوع الأعراض البشرية، والأمراض الجائزة في حق الأنبياء والرسل - عليهم السلام - ولم يكن له تأثير فيما يتعلق بالتبليغ كما بينه الحافظ ابن حجر في الفتح وغيره، وما جاء في الآية الكريمة هو من قول كفار قريش وجماعة المستهزئين الذين هلكوا قبل ذلك في بدر وغيرها، قال القرطبي: إذا يقول الظالمون ـ أبو جهل والوليد بن المغيرة وأمثالهما ـ فهو مثل قولهم: مجنون وكاهن وشاعر.
ولا دليل في الفعل المضارع ـ يقول ـ من سورة الإسراء ولا في الماضي من قولهم في سورة الفرقان: وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا.{ الفرقان: 8 }.
على ما ذهب إليه هؤلاء، فالله تعالى يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يعلم ما تناجى به المشركون وما يتناجون به حين يقولون هذا القول.
والله أعلم.