الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحب، وبعد:
فليس من مهمة الموقع ولا من أهدافه متابعة الأبحاث ولا تصويب اجتهادات أهل العلم، أوتخطئتها وخصوصا إذا لم تدع الحاجة إلى ذلك، ولكننا نفيد السائل بخصوص هذا الموضوع بما يلي:
1ـ يقع الطلاق من الزوج ما دام مدركاً لما يقول ومختاراً غير مكره، أما إذا كان مغلوبا على عقله فلا يقع طلاقه، وقد سبق أن بينا أحوال الطلاق في الغضب في الفتوى رقم:
1496.
كما بينا حكم الطلاق تحت تأثير السحر في الفتوى رقم:
11577.
2ـ الذي يعتمده القاضي، أو المفتي في الطلاق هو ما يثبت عنده من إقرار الزوج، أو البينة على وقوع الطلاق، وإذا ادعى الزوج أنه تلفظ بالطلاق غير مدرك له بسبب غضب شديد، أو سحر ونحو ذلك، فالراجح ـ والله أعلم ـ أن قوله يقبل إذا كانت هناك قرائن تدل عليه، أما إذا لم تكن قرينة على صحة دعواه فالأصل أن الطلاق واقع. قال ابن القيم: والمقصود أن سبق اللسان إلى الطلاق من غير قصد له مانع من وقوعه عند الجمهور، والغضبان إذا علم من نفسه أن لسانه سبقه بالطلاق من غير قصد جاز له الإقامة على نكاحه ويديّن في الفتوى، وأما قبوله في الحكم فيخرج على الخلاف والأظهر أنه إن قامت قرينة ظاهرة تدل على صحة قوله قبل في الحكم.
وقال الشيخ محمد مختار الشنقيطي: ففي حالة الغضب: يقع كثيرٌ من التلاعب من الناس، وينبغي على العالم أن يكون حذراً فطناً من تلاعب الناس، لأن الطلاق أمره عظيم، ومن طلق وتلاعب بطلاقه وادعى أنه لا يعلم وأنه فاقدٌ لشعوره وأنه، وأنه، فينبغي الحيطة في أمره، فإن الناس فتنة، والرجل إذا طُلّقت عليه امرأته ـ خاصةً إذا كانت الطلقة الأخيرة ـ فإنه يصبح كالمجنون ـ والعياذ بالله ـ فيحرف في الألفاظ ويغير فيها ويبدل، ويدعي أموراً قد لا تكون حقيقة، ولذلك ينبغي الاحتياط في مثل هذه المسائل، ولا ينبغي فتح الباب لكل من هبّ ودبّ إذا ادعى أنه غضبان أن يقبل قوله، إنما يقبل لو شهد ثقاتٌ وأُناس من أهله أنه رجل عصبي المزاج، وأنه إذا استثير يصل إلى درجة لا يعي فيها ما يقوله ويفعله، أو شهد زملاؤه في عمله على ذلك، أو نحو ذلك من الأدلة التي تثبت أن غضبه مؤثر، فمثل هذا إذا وصل إلى حالةٍ يفقد فيها السيطرة على نفسه واستغلق عليه الأمر فالأشبه أن طلاقه لا يقع.
3ـ لا ينبغي التسرع والمبالغة في نسبة ما يعرض للإنسان إلى السحر ونحوه، وإنما ينبغي النظر في الأسباب الظاهرة للمشكلات والسعي في علاجها بالوسائل المشروعة، وإذا كانت هناك دلائل على وجود سحر، أو مس فعلاجه ميسور ـ بإذن الله تعالى ـ بالمحافظة على الأذكار والرقى المشروعة مع التوكّل على الله، وراجع في ذلك الفتويين رقم:
2244، ورقم:
10981.
والله أعلم.