الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أنك دفعت إلى صاحبك مبلغا من المال ليشتري به بضاعة ويبيعها على أن يكون لك جزء من الربح، وإذا كان كذلك فهذه مضاربة ويشترط لصحتها عدم تحديد ربح معين وعدم ضمان رأس المال، لئلا تكون قرضا ربويا، فإن ضمن العامل رأس المال، أو ربحا معلوما يدفعه كل شهر كما هو الاتفاق بينكما على أن يدفع لك ـ 400ـ كل شهر، فهذه مضاربة فاسدة وحينئذ فإن الربح كله يكون لك وللعامل أجرة مثله في عمله في المال، وقيل له ربح مثله، جاء في المنتقى شرح الموطأ: قال مالك في الرجل يدفع إلى الرجل مالاً قراضاً ـ مضاربة ـ ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان، قال: لا يجوز، لأن شرط الضمان في القراض باطل. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معدودة، أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءاً وعشرة دراهم بطلت الشركة، قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما، أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة. انتهى.
وقال أيضا مبينا حكم ما إذا فسدت المضاربة: الربح جميعه لرب المال، لأنه نماء ماله، وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئاً، ولكن له أجر مثله.
وعلى القول الثاني يكون للعامل ربح مثله، قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام:
وأجر مثل، أو قراض مثل * لعامل عند فساد الأصـل.
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال: ولهذا كان الصواب أن يجب في المضاربة الفاسدة ربح المثل لا أجرة المثل، فيعطى العامل ما جرت به العادة أن يعطاه مثله من الربح إما نصفه وإما ثلثه وإما ثلثاه.
وبالتالي، فالواجب عليكما فسخ ذلك العقد الفاسد بسبب تحديد ربح معين كل شهر ويكون الربح كله لك وللعامل أجرة مثله، أو ربح مثله، وإن شئتما أن تعقدا عقد مضاربة جديد وفق الضوابط الشرعية فلا حرج عليكما وقد بيناها في الفتوى رقم: 5480
وأما كيفية زكاة المال فهي مبينة في الفتوى رقم: 16615
والله أعلم.