الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج كربك، وأن يزيل همك، وأن يسعدك في دنياك وأخراك، إن ربنا قريب مجيب، وننصحك أن تجتهدي في أن تهوني على نفسك وتصرفيها عن التفكير فيما حدث من ظلم لك من زوجك، فإن تذكر هذه الأشياء لا ينفعك بل قد يضرك، والحياة الدنيا دار ابتلاء، يبتلي الله فيها عباده بما يشاء، وإذا حدث الابتلاء ينبغي أن يستحضر المسلم عبادة الصبر ليجعل هذه النقمة نعمة، ويجعل المحنة منحة، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وابن ماجة عن أنس ـ رضي الله عنه.
وروى أحمد والترمذي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة.
فعليك بالصبر، فالصبر من الإيمان، وراجعي في فضائل الصبر الفتوى رقم: 18103.
وإذا ثبتت هذه التصرفات التي ذكرتها عن زوجك فقد أساء عشرتك، ومن حق الزوجة على زوجها أن يحسن عشرتها وأن ينفق عليها وعلى أولاده منها لا أن يلزمها بالصرف عليهم من مالها، فللمرأة ما تكتسب من مال، ولا يجوز لزوجها التصرف في شيء منه بغير إذنها، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 32280.
ثم إنه قد قابل الإحسان بالإساءة، وهذا من شأن اللؤماء لا من شأن الكرماء، ولا يلزمك شرعا خدمة أبنائه من غيرك.
وبالنسبة لحضانة ابنك بعد الطلاق فهو حق لك ما لم تتزوجي، وراجعي الفتوى رقم: 30316.
فإقدام أي أحد على منعك هذا الحق ظلم بين، ويجوز لك رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية ليتم إنصافك، ومن حق المظلوم أن يدعو على من ظلمه، والله تعالى ليس بغافل عن الظالم، ولكنه سبحانه ينتصر للمظلوم متى شاء حسب علمه وحكمته، فهو لا معقب لحكمه، وليس للعباد أن يتدخلوا في شأنه، فذلك من سوء الأدب مع الله وهو يمهل الظالم فإذا أخذه لم يفلته، ثبت في الصحيحين عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ثم قرأ: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ٌ إن أخذه أليم شديد.
وما يدريك لعل الله قد انتقم منه من حيث لا تشعرين، أو أنه سبحانه يريد أن يؤجل ذلك حتى يوافيه به يوم القيامة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فثقي بأن حقك لن يضيع، والأمر لله من قبل ومن بعد، وللفائدة راجعي الفتويين رقم: 163121، ورقم: 142167.
ومع هذا كله فإننا ننصحك بالعفو، فهو وإن كان صعبا على النفس إلا أن له عواقبه الحميدة في الدنيا والآخرة، وراجعي الفتوى رقم: 27841، وهي في بيان أن ثمرات العـفـو عن الظالم لا تقارن بالانتصاف منه.
بقي أن ننبه إلى أن ما ذكرت عن زوجة هذا الرجل السابقة وابنته وأنهما قد حرضا بعض الرجال على اغتصابك، فإن ثبت هذا فلا شك في أنه تصرف منهما قبيح وإثم مبين يجب عليهما التوبة منه، وننبه أيضا إلى أنه ينبغي لأهل الزوج أن يتدخلوا بين ابنهم وزوجته بالإصلاح لا أن يكونوا سببا في إذكاء الخلاف، كما أن من الغريب أن يرفض أهلك إدخال ابنك إلى بيتهم بسبب أخلاق أبيه السيئة حسب زعمهم فيما نقلت عنهم.
والله أعلم.