الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يكفيك بحلاله عن حرامه، وأن يغنيك بفضله عن من سواه.
وأما حكم الترجمة فقد سبق لنا بيان أنها كالكتابة ابتداء، فكل ما لا يجوز للمسلم كتابته من العبارات لا يجوز له ترجمته ولا تقاضي أجر عليه. وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 118575، ورقم: 135920.
وذلك لأن الترجمة تسهم في نشر المادة المترجمة وترويجها، فإن كانت منحرفة كان ذلك سببا في إشاعة الباطل، وقد تناول الدكتور سعود العتيبي في رسالته للماجستير: أسباب الوقوع في البدع: الأسباب الخارجيَّة التي كانت وَراء وُقوع المبتدِع في البدعة ـ وذكر أربعة أسباب منها: الفصل الرابع: ترجمة كتب أهْل الكفر والضلال، وقال في خاتمة البحث: كان لترجمة كُتُب أهل الكُفر والضلال من اليونان والهنود والفرس وغيرهم دورٌ في إضلال مَن ضلَّ من الناس، كترجمة كُتُب الفلسفة والمنْطِق والسحر وعادات أولئك الأمم الكافرة الغابرة، وقد أسهَمَ في الافتِتان بتلك الكُتُب المترجَمة التسهيلاتُ التي قد قُدِّمت للمُتَرجِمين من النصارَى والهنود والفُرس والصابئة، وذلك من قِبَل وُلاة البِدْعة والضَّلال. اهـ.
فالأصل أنه لا يجوز للمسلم ترجمة كتب الضلال، كما أن الأصل أنه لا يجوز له قراءتها، ولكن يستثنى من ذلك ما كان فيه مصلحة شرعية كأن يقرأ مثل هذه الكتب عالم حاذق ليرد على أهلها ويبين خطأهم، وكذلك يجوز ترجمتها لمثل هؤلاء لنحو هذا الغرض، ويلزم من يقوم بالترجمة في هذه الحال أن يأمن على نفسه الفتنة والتأثر بهذه الضلالات، وراجعي الفتوى رقم: 49100.
وعلى ذلك، فإن كانت السائلة تأمن على نفسها، وعلى الطلاب الذين يحتاجون لمثل هذه الكتب، من التأثر أو الانجراف للباطل بسبب هذه الكتب، وكان في دراستهم لها مصلحة شرعية كبيان ما فيها من الباطل، والعلم بالشر لتجنبه والتحذير منه، فلا بأس بترجمتها لهم، فإن خلت الدراسة من هذه الفائدة ونحوها فالأصل عدم الجواز كما سبق.
والله أعلم.