الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على انتفاع الميت بالصدقة عنه، لما في الصحيحين: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال نعم. متفق عليه. واللفظ لمسلم.
قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح حديث: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية ـ وفيه أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت، وكذا الصدقة، وهما مجمع عليهما، وكذا قضاء الدين كما سبق. انتهى.
واختلفوا في إهداء العبادات البدنية ـ من صلاة وذكر وقراءة قرآن ـ للأموات، فذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا يجوز إهداء العبادات البدنية للأموات، ورأى أصحاب هذا القول أن الإهداء يُشرع في العبادات المالية كالصدقة والعتق ونحو ذلك دون العبادات البدنية، بناء على أن هذه تقبل النيابة ويجوز التوكيل فيها بخلاف تلك، وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه يجوز إهداء العبادات البدنية للأموات، ورأى أصحاب هذا القول أن إهداء الثواب أوسع من النيابة، وقد استدل كل فريق بأدلة كثيرة، والذي نرى رجحانه في المسألة هو صحة إهداء الثواب في جميع ذلك، وقد رجح هذا القول جماعة من متأخري الشافعية كالنووي وغيره ورجحه القرطبي من المالكية في تفسيره وتذكرته، ونصره ابن أبي العز الحنفي في شرحه للطحاوية، وهو أيضاً قول شيخ الإسلام ابن تيمية، وراجع الفتويين رقم: 111133، ورقم: 79193.
وعليه، فإنه يجوز لك أن تقرأ القرآن وتجعل ثوابه لك ولوالديك، وأن تستغفر الله وتجعل ثوابها لوالديك، وهكذا كل قربة تفعلها وللفائدة يرجى الاطلاع على هذه الفتوى: 126509.
والله أعلم.