الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للعامي تقليد مذهب معين، أو سؤال من يثق في علمه دون اتباع للهوى أو تتبّع للرخص، قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: فإن قال قائل فكيف في المستفتى من العامة إذا أفتاه الرجلان واختلفا، فهل له التقليد؟ قيل: إن كان العامي يتسع عقله، ويكمل فهمه إذا عقِّل أن يعقل، وإذا فُهِّم أن يفهم، فعليه أن يسأل المختلفين عن مذاهبهم، وعن حججهم فيأخذ بأرجحها عنده، فإن كان له عقل يقصر عن هذا، وفهمه لا يكمل له، وسعه التقليد لأفضلهما عنده. انتهى.
وانظري الفتوى رقم: 109007.
وعليه، فلا حرج عليك في الأخذ بقول من تثقين في علمه ودينه من المفتين، لكن إن كنت غير مطمئنة لفتوى المفتي ويغلب على ظنك عدم صحتها، فلا يلزمك العمل بها، بل لا يجوز لك العمل بها والحال هكذا، ولو وصل الأمر إلى المحكمة الشرعية فقضت بحكم يبيح للزوج رجعتك وأنت تعتقدين بطلانه فلا يجوز لك تمكين زوجك من نفسك في هذه الحال، جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: اخْتَارِي، فَقَالَتْ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي، وَهِيَ تَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْخِيَارَ ثَلَاثٌ وَالزَّوْجُ يَرَاهُ وَاحِدَةً، فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُبِيحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُمَكِّنَ الزَّوْجَ مِنْهَا وَلْتَمْنَعْهُ جَهْدَهَا وَلَوْ رَفَعَهَا إلَى قَاضٍ يَرَى الْخِيَارَ طَلْقَةً فَارْتَجَعَهَا الزَّوْجُ فَلَا يُبِيحُ لَهَا الْحُكْمُ مَا هُوَ عِنْدَهَا حَرَامٌ وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الزَّوْجُ إلَّا وَهِيَ كَارِهَةٌ.
والله أعلم.