الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلاقة التعاقدية بينك وبين هذه الشركة، هي المضاربة، والتي هي: أن يدفع رجل ماله إلى آخر يتجر له فيه, على أن ما حصل من الربح بينهما حسب ما يشترطانه، فيكون صاحب المال مشاركاً بماله، والمضارب بعمله.
والمضاربة مع هذه الشركة فاسدة من وجوه متعددة، وبيان ذلك كما يلي:
أولا: يشترط في المضاربة أن تكون كيفية توزيع الربح معلومة علما نافيا للجهالة، ومانعا للمنازعة، متفقا عليه في البداية؛ لأن المعقود عليه هو الربح، وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد، وأن يكون ذلك على أساس نسبة مشاعة من الربح لكل من رب المال، والمضارب، لا على أساس مبلغ مقطوع، أو نسبة من رأس المال، فمثلاً: يتفق الطرفان على أن لأحدهما الثلث، أو النصف أو 20% من الأرباح، وليس من رأس المال، ولا يصح العقد إن كان الربح مجهولاً غير محدد، ونلاحظ أن نسبة ما يستحقه كل من العميل والشركة من الأرباح غير محدد هنا.
ثانيا: قد يفهم قول الشركة بأنها تضمن للعملاء 97% من أموالهم المودعة أنه لو وقعت خسارة أكثر من 3% فإن الشركة تتحملها، وهذا يخالف شرطا من شروط المضاربة وهو أن الخسارة تكون على رأس المال.
قال ابن قدامة-رحمه الله-في المغني: والوضيعة في المضاربة على المال خاصة, ليس على العامل منها شيء; لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال, وهو مختص بملك ربه, لا شيء للعامل فيه, فيكون نقصه من ماله دون غيره.
وقال رحمه الله: متى شرط على المضارب ضمان المال, أو سهما من الوضيعة, فالشرط باطل. لا نعلم فيه خلافا.
ويمكنك الرجوع إلى الفتاوى الآتية لمزيد من الفائدة حول شروط وضوابط المضاربة: 1873 ، 5480، 63918 ، 72143 ، 72779، 158449 .
ومن جهة أخرى فإن مضاربة هذه الشركة مقيدة في تجارة العملات في سوق الصرف الأجنبي الفوركس، والمتاجرة عن طريق نظام الفوركس تكتنفها محاذير شرعية، وعلى رأس هذه المحاذير ما يسمى بنظام المارجن، والذي يشتمل على (جمع بين سلف وسمسرة، وهذا محرم) ومن المحاذير كذلك ما يعرف بتبييت الصفقة، وهو قرض ربوي، بالإضافة إلى عدم التحقق من تطبيق ضوابط الصرف. غير أنه إذا أمكن اجتناب المحاذير المترتبة على المتاجرة عن طريق ذلك النظام سيما في الربويات، فالأصل جواز البيع والشراء؛ لقوله تعالى: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة:275}.
وانظر الفتاوى أرقام: 130307 ، 174765 ، 181591 والفتاوى المربوطة بها.
وانظر في ضوابط الصرف هاتين الفتويين: 3702 ، 15672 .
والذي ننصح به هو البعد عن المتاجرة في ذلك المجال لكثرة المحاذير فيه؛ ولأنه لا يسلم غالباً إن لم نقل قطعاً من الوقوع في المحاذير الشرعية كالربا، والغرر، والمقامرة وغيرها من الأمور المحرمة. فعلى المسلم أن يتجنب ما فيه ريبة، فقد روى الترمذي في سننه عن الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
وبالنظر لجميع ما تقدم فالذي نراه أنه لا يجوز التعامل مع هذه الشركة، وبالتالي لا يجوز أيضا أن يجلب العميل أشخاصا للتعامل مع هذه الشركة طمعاً في العمولة؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم المحرم؛ قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
والله أعلم.