لا تنعقد اليمين بمجرد النية أو الكتابة

27-8-2013 | إسلام ويب

السؤال:
قبل دخول رمضان بفترة كنت أتابع مواقع حول أخبار ألعاب الفيديو، لكن قررت أن أتوقف عن ذلك، فقمت بوضع جميع روابط هذه المواقع في ملف افتراضي للمواقع المفضلة وسميته " والله بعد رمضان " بنية أن أستأنف متابعتها بعد انتهاء رمضان.
وكنت كذلك مشتركا من خلال البريد الإلكتروني في عدة قنوات لكي تصلني آخر أخبار ألعب الفيديو في شكل مقاطع مرئية بشكل يومي، وقد عقدت النية على أن أشاهدها بعد انتهاء رمضان، ولكني لم أقسم على ذلك، وإنما نويت فقط.
بعد ذلك استهوتني نفسي على أن أشاهد أحد هذه المقاطع، وقد شاهدتها مرتين، وأظن أن ذلك كان في ثاني يوم من رمضان، فشعرت أن ضميري يؤنبني.
فما حكم ذلك ؟ وهل علي كفارة يمين ؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 خلاصة الفتوى: أنه لا كفارة يمين عليك؛ لأن اليمين لا تنعقد بمجرد النية، ولا بالكتابة دون نية. وأما ألعاب الفيديو فحكم مشاهدتها ‏تابع لمحتواها، وللضوابط الشرعية العامة في وسائل الترفيه.‏

جواب سؤالك يقع في شقين:‏
الأول : اليمين لا تنعقد بالنية، ولا بالكتابة دون النية على الصحيح، فلا كفارة فيها.‏
اليمين عند الفقهاء من عوارض الكلام، كما يدل على ذلك تعريفات الفقهاء لها.

فقد عرفها الحنفية كما في غرر الأحكام بأنها: تقوية ‏الخبر بذكر اسم الله تعالى، أو التعليق.

وقالت المالكية كما في مختصر خليل :الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ، أَوْ صِفَتِهِ.

وقالت الشافعية كما في روضة الطالبين للنووي: وللأئمة عبارات في حقيقة اليمين، أجودها وأصوبها عن الانتقاض ‏والاعتراض عبارة البغوي، قال: اليمين تحقيق الأمر أو توكيده بذكر اسم الله تعالى، أو صفة من صفاته.

وقالت الحنابلة كما في الإقناع للحجاوي: توكيد الحكم بذكر معظم على وجه مخصوص.

والذكر خلاف النية، فلا بد في اليمين لتنعقد من الكلام ولا يكفي فيها ‏النية. هذا مذهب الجمهور، وهو الصحيح خلافا لبعض المالكية الذين اكتفوا بكلام النفس. ولذلك نسبت الموسوعة الفقهية  لجمهور ‏الفقهاء اشتراط التلفظ باليمين لانعقادها، وهو ما قررناه في الفتوى رقم: (199581)‏
وأما تسمية الملف باسم (والله بعد رمضان) فلايعتبر يمينا لأمرين: الأول: أن الصحيح عدم انعقاد اليمين بالكتابة دون نية كما تقدم ‏تقريره في الفتوى رقم: (179631) ، والثاني: أن المحلوف عليه غير مذكور ولابد من ذكره، كما قررنا ذلك في الفتوى رقم: ‏‏(61298).‏

أما الشق الثاني: فألعاب الفيديو وسيلة فتاكة لهدم العقائد، والقيم، والأعمار.‏
فإن عامة ألعاب الفيديو لا تخلو من مخاطر، ومحاذير شرعية عقدية، أو نفسية، أو اجتماعية، أو صحية. ولعلك استشعرت بوجدانك ‏هذا الخطر، وبفطرتك وضميرك، فعزمت على هجرها في رمضان، ثم غلبك هواك فعدت إليها، وكان الأولى بك ألا تنقض عزمك، ‏فإن المرء إذا لم يستجب لتأنيب الضمير أوشك أن يقتل ضميره، وقد قال عليه الصلاة والسلام: وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي ‏نَفْسِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ. رواه مسلم.

وقد ذكر الشيخ محمد المنجد في موقعه (الإسلام سؤال ‏وجواب) ـ وهو من أهل الاختصاص في البرمجيات ـ جانبا خطيرا من هذه المحاذير قلّ من تنبه أو نبه إليها، فمن تلكم المحاذير:‏

- الألعاب التي تصور حروبا بين أهل الأرض الأخيار وأهل السماء الأشرار، وما تنطوي عليه مثل هذه الأفكار من اتّهام الله ‏تعالى أو الطعن في الملائكة الكرام.‏

‏- الألعاب التي تقوم على تقديس الصّليب، وأنّ المرور عليه يعطي صحة وقوة، أو يعيد الروح، أو يزيد في الأرواح بالنسبة للاعب ‏ونحو ذلك، وكذلك ألعاب تصميم بطاقات أعياد الميلاد في دين النصارى.‏

‏- الألعاب التي تقرّ السّحر أو تمجّد السّحرة.‏

‏- الألعاب القائمة على الحقد على الإسلام والمسلمين كاللعبة التي يأخذ فيها اللاعب إذا قصف مكة 100 نقطة، وإذا قصف بغداد ‏خمسين وهكذا.

‏ ‏- تمجيد الكفار وتربية الاعتزاز بهم كالألعاب التي إذا اختار فيها اللاعب جيش دولة كافرة يُصبح قويا، وإذا اختار جيش دولة ‏عربية يكون ضعيفا، وكذلك الألعاب التي فيها تربية الطّفل على الإعجاب بأندية الكفّار الرياضية، وأسماء اللاعبين الكفرة.‏

‏- الألعاب المشتملة على تصوير للعورات المكشوفة، وبعض الألعاب تكون جائزة الفائز فيها ظهور صورة عارية. وكذلك إفساد ‏الأخلاق في مثل الألعاب التي تقوم فكرتها على النجاة بالمعشوقة، والمحبوبة، والصديقة من الشرّير أو التنّين.‏

‏- الألعاب القائمة على فكرة القمار والميسر.‏

- الموسيقى ومعلوم تحريمها في الشريعة الإسلامية.‏

-الإضرار بالجسد كالإضرار بالعينين، أو الأعصاب وكذلك المؤثّرات الصوتية الضارة بالأذن. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنّ ‏هذه الألعاب تُحدث إدمانا وإضرارا بالجهاز العصبي، وتُسبّب التوتّر والعصبية لدى الأطفال.‏

-التربية على العنف والإجرام، وتسهيل القتل وإزهاق الأرواح كما في لعبة دووم المشهورة.‏

‏- إفساد واقعية الطّفل بتربيته على عالم الأوهام والخيالات، والأشياء المستحيلة كالعودة بعد الموت، والقوّة الخارقة التي لا وجود ‏لها في الواقع وتصوير الكائنات الفضائية ونحو ذلك .‏ اهـ
فكيف إذا كانت على حساب أغلى ساعات العمر وهي ساعات الشهر المبارك رمضان، فإنا لله وإنا إليه راجعون.‏
وقد أشرنا إلى بعض الضوابط الشرعية في مشاهدة ألعاب الفيديو في الفتاوى أرقام: 53446،‎ ‎‏8393،24007.

والله أعلم.

www.islamweb.net