الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجماع ما تعرف به السائلة جواب سؤالها، أن يعلم أن المسلم يجب عليه طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، واتباع الشريعة التي تحكم في كل مسألة بعينها بحكم واحد، وإنما يُتَّبع العلماء ومذاهبهم لكونهم يجتهدون في معرفة ذلك، ودلالة الناس عليه! فإذا اختلفوا عرفنا أن بعضهم أصاب وله أجران، وبعضهم أخطأ وله أجر واحد.
فإن كان عند الشخص علم يؤهله لمعرفة الراجح وتمييزه، عمل بذلك، وإلا فإنه يقلد الأوثق في نفسه من المفتين من حيث العلم والأمانة؛ لأن هذا هو الذي يغلب على ظنه أنه مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وهذا هو العمل بالراجح، لا بالتشهي والهوى، ولا بالتشدد والورع، وراجعي في ذلك الفتويين: 208624، 139079.
وعلى ذلك، فلا يجوز تتبع رخص المذاهب الفقهية بالأخذ بالأيسر منها، تشهيا واتباعا للهوى، وهذا هو قول جمهور أهل العلم، وقد نُقل عليه الإجماع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 213079.
وأما من لم يكن ديدنه تتبع الرخص، فلا حرج عليه في أن يأخذ في بعض المسائل بفتوى أحد ثقات أهل العلم لحاجته لذلك، ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 134759،170931.
وإذا تقرر هذا .. عرفت السائلة أنه لا يجوز لها أن تقدم فتوى جهة على أخرى من جهات الإفتاء لمجرد موافقة الهوى، وكذلك لا يجوز تتبع رخص العلماء أخذا بالأيسر دائما، وإنما عليها عند اختلاف المفتين أن تقدم قول من تظنه أقرب لإصابة حكم الشرع من حيث علمه وإمانته، سواء أكان أشد أو أيسر ! وهو ما لم تطبقه السائلة في المثال الذي ذكرته بمسألة نمص الحاجب، ونتف شعر الوجه لغير المتزوجة، تلفيقا بين فتاوى المفتين.
والله أعلم.