الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرغبة في التفوق على الأقران إذا خلت من إرادة الفخر, والعجب بالنفس, والكبر على الآخرين, وحب الشهرة, فلا تكون من إرادة العلو في الأرض والفساد فيها - إن شاء الله تعالى -.
وهناك فرق بين الرغبة في علو المنزلة والإمامة في الخير، وبين إرادة العلو في الأرض المذموم في قول الله تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ {القصص:83}؛ فإن العلو في الأرض هو التكبُّر, والتجبر, والاستطالة على الناس، قال الإمام القرطبي - رحمه الله - في تفسيره: قَوْلُهُ تَعَالَى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) يَعْنِي الْجَنَّةَ ... (نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ) أَيْ: رِفْعَةً وَتَكَبُّرًا عَلَى الْإِيمَانِ وَالْمُؤْمِنِينَ (وَلا فَساداً) عملاً بالمعاصي. اهـ. باختصار.
بينما الرغبة في علو المنزلة الخير والإمامة في الدين جائزة؛ بل إن ذلك مطلوب، قال ابن جُزَيّ في تفسيره: "عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ: أي تكبرًا وطغيانًا، لا رفعة المنزلة، فإن إرادتها جائزةٌ" اهـ.
هذا، ونوصيك بتقوى الله تعالى, واجتناب مساخطه، وبالتفتيش في عيوب النفس وأمراض القلوب؛ فإنها مردية في الآخرة، وانظر لزامًا الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10706 / 151803 / 165881 / 25568 / 52210 / 147295.
والله أعلم.