الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أفتى بجهل أو عرف الحق وأفتى بخلافه، فهو على خطر عظيم، وإثم مبين، وعمله من أمر الشيطان الرجيم، قال تعالى: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169) [البقرة] وهذا مما حرمه الله تعالى، كما قال سبحانه: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (الأعراف: 33).
واتباع العالم لهواه، والسير في هوى الخلق في مخالفة حكم الشرع، سواء الحاكم وغيره، مدعاة للفتنة والضلال، وعلماء السوء من شر خلق الله وأفسدهم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 175857, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان. رواه أحمد، وصححه الألباني.
وقد سبق لنا بيان أصناف العلماء في الفتوى رقم: 184971, كما سبق لنا الكلام عن خطر مداهنة العلماء للسلاطين والتحذير من إتيان أبوابهم، وذلك في الفتوى رقم: 151561.
وأما بيان خطأ العالم - إن أخطأ - مع التزام أدب الرد فأمر مشروع بل مطلوب، وليس فيه ما يعاب عليه فاعله، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 11967.
هذا, مع التنبيه على أن الأصل في المسلم ـ فضلًا عن أهل العلم ـ هو السلامة، فمن الظلم والجور: اتهام الناس بغير بينة، وإساءة الظن بهم من غير حجة, ومن الجرم والبهتان رميهم بالتهم من غير برهان, قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب: 58] وقال سبحانه: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [النساء: 112].
والله أعلم.