الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استرجاع التائب لذنوبه الماضية، إن كان للتلذذ، والفرح بها: فهذا قادح في صدق توبته، ويخشى على صاحبه من تزيين الشيطان، وتسويل النفس له معاودة تلك الذنوب.
أما استرجاع الذنوب؛ لاستجلاب الشعور بالذل والانكسار بين يدي الله، ودفع العجب عن النفس، واستشعار منة الله بالتوفيق إلى التوبة، فهذا شيء محمود، وكذلك إن كان ذلك بغرض أخذ العبرة، وتوقي الوقوع في ذلك مستقبلًا، وانظر لمزيد الفائدة الفتويين: 73956، 191535، وما أحيل عليه فيهما.
والبحث عن قصص المذنبين إن كان ذلك لمصلحة شرعية، كأخذ العظة والعبرة، فلا بأس بذلك.
أما إن كان للتلذذ بالتفكير في معاصيهم: فهذا مذموم، وانظر الفتوى رقم: 71951.
والأصل وجوب ستر المسلم على نفسه, وألا يخبر أحدًا بمعصيته، لكن يجوز الإخبار بالمعصية للحاجة، والمصلحة المعتبرة, ولا يكون ذلك من المجاهرة المذمومة بالذنب، على أن يقتصر في ذلك على قدر الحاجة، دون الإسهاب في ذكر تفاصيل لا فائدة من ذكرها، جاء في الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي: وحاصل عبارة (الأذكار): يكره لمن ابتلى بمعصية، أو نحوها أن يخبر غيره بها، إلا نحو شيخه ممن يرجو بإخباره أنْ يعلمه مخرجًا منها، أو من مثلها، أو سببها، أو يدعو له، أو نحو ذلك، فلا بأس به، بل هو حسن، وإنما يكره إذا انتفت هذه المصلحة ... والظاهر أن مراده بـ(نحوها) كل ما تقتضي العادة كتمه، ويعد أهلها ذكره خرمًا للمروءة، كجماع الحليلة، ونحوها، من غير ذكر تفاصيله، وإلا حرم، بل هو كبيرة لورود الشرع بالوعيد الشديد فيه، وفاتهما أعني الجلال، والنووي أن محل الكراهة إذا لم يتحدث بالمعصية على جهة التفكه بها، واستحلاء ذكرها وإلا حرم عليه.
وانظر للفائدة الفتاوى: 93102، 109352، 23178.
والله أعلم.