الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حدود طاعة الزوجة زوجها، وأن ذلك في النكاح وتوابعه - أي: أمور العشرة الزوجية -.
والزوج ملزم بالنفقة على البيت، ولا يلزم الزوجة أن تعمل، ولا تجب عليها طاعة زوجها إن أمرها بذلك، إلا أن تشاء بطيب نفس منها.
ولا يجوز للزوج أن يستغل قوامته على زوجته بإلزامها بما لا يلزمها شرعًا، وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 18814.
ونضيف هنا كلامًا جيدًا نقله القرطبي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ {البقرة:228}: وقال ابن عباس: الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة، والتوسع للنساء في المال والخلق، أي: أن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه، قال ابن عطية: وهذا قول حسن بارع. اهـ. ومن السوء بمكان جعل الزوج الطلاق وسيلة يهدد بها زوجته إن هي تركت العمل.
وركوب المرأة مع السائق نوع من الخلوة المحرمة، فلا يجوز للزوجة طاعة الزوجة فيها، وراجعي الفتوى رقم: 112331.
وخدمة المرأة زوجها، وقيامها على شؤون بيته واجب عليها بما جرى به العرف، على الراجح من أقوال أهل العلم، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 13158.
ولا ينبغي للزوج أن يكلف زوجته في ذلك ما لا تطيق، وينبغي أن يكون معينًا لها، فإن هذا من حسن الخلق، والدلالة على كرم النفس، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، ففي صحيح البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة - رضي الله عنها -: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
وفي مسند أحمد أنها سئلت - رضي الله عنها -: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: كان بشرًا من البشر، يفلى ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه.
وعلى وجه العموم: ننصح بأن يسود الحياة الزوجية التفاهم بين الزوجين؛ لتنعم الأسرة بالراحة، والسعادة، وفي ذلك خير للأسرة جميعًا.
والله أعلم.