الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشك الذي لا يستند على أساس صحيح، وبينة واضحة لا اعتبار له، ولا سيما ما تعلق منه بالعرض، وعلى وجه أخص حين يكون من الزوج تجاه زوجته؛ لما جعل الله بينهما من الميثاق الغليظ، وهو العقد الشرعي الذي أحل الله به الزوج لزوجته، كما قال سبحانه: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}.
فالأصل في زوجتك سلامتها من ذلك كله حتى يثبت على وجه لا مرية فيه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}.
وأنت بهذا الشك جنيت على نفسك بالحزن، والنكد الذي تعذبها به، وجنيت على زوجتك باتهامها بما هي بريئة منه، فالواجب عليك التوبة، واستسماح زوجتك، واحرص على أن تحسن صحبتها، وتعاشرها بالمعروف كأن شيئًا لم يكن، وأن تدفع عن نفسك تلك الخواطر.
ومن أهم ما ينبغي أن يكون محل اهتمام الزوج تربية زوجته على الدين، والإيمان، وطاعة الرحمن، وأن يكون قدوة لها في ذلك، فتكون قرة عين له حين يراها صالحة تخشى ربها، قال تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ {النساء:34}.
نقل أهل التفسير عن السدي، وغيره، أنه قال في معنى: حافظات للغيب ـ أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.
وقال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه: حافظات للغيب ـ صائنات لنفوسهن في غيبة أزواجهن، كما يصنها في حضرتهم: بما حفظ الله ـ كما أمر الله تعالى، ومقابلة لوصية الله تعالى بهن، وأمره الرجال بحفظهن، والإحسان لهن. اهـ. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 136427.
وأما هذه الرؤيا التي رأتها زوجتك: فلا نستطيع أن نجزم فيها بشيء؛ إذ لا علم لنا بتعبير الرؤى، وليس ذلك من شأن موقعنا، ولكنها رؤيا خير ـ إن شاء الله ـ ولا يبعد أن تكون مؤشرًا على براءة زوجتك وفقًا لما عبرتها بها والدتك.
ونقول بهذه المناسبة: إن من الغريب أن يكون أمرك مع زوجتك قائمًا على مجرد الشك، ومع ذلك يبلغ أمك، وربما غيرها، فهذا أمر خطير لما يتضمنه من قذف للزوجة، وراجع في القذف الفتوى رقم: 17640.
والحسد وما يمكن أن يترتب عليه من العين، أو المس، أو السحر، ونحو ذلك من الأمور الثابتة؛ ولذلك كله أعراضه التي يمكن أن يعرف بها، فإن غلب على ظنك حصول شيء من ذلك فبادر إلى الرقية الشرعية، وللمزيد يمكنك مطالعة الفتويين رقم: 7970، ورقم: 5252.
والله أعلم.