الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإيثانول يعتبر من الخمر المسكر, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 156733.
والخمر تعتبر نجسة العين عند أكثر العلم, وقال بطهارتها بعض العلماء المتقدمين, وبعض المتأخرين, كما ذكرنا في الفتويين رقم: 116140، ورقم: 23146.
ومن العلماء الذين رجحوا طهارة الكحول ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ حيث قال إنها طاهرة، وذكر الأدلة على ذلك، فقال في فتاوى نور على الدرب: هذه العطورات التي بها الكحول، طاهرة مهما كثرت النسبة فيها، لأن الخمر لا دلالة على نجاسته، لا من القرآن، ولا من السنة، ولا من عمل الصحابة، وإذا لم يدل الدليل على نجاسته، فالأصل الطهارة حتى يقوم دليلٌ على النجاسة، ولا يلزم من تحريم الشيء أن يكون نجساً، فقد يحرم الشيء وليس بنجس، فالأشياء الضارة حرام، وإن لم تكن نجسة، فالسم مثلاً حرام وإن لم يكن نجساً. اهـ.
وقال في الشرح الممتع على زاد المستقنع ما ملخصه: والصحيح أنها ليست بنجسة، والدليل على ذلك ما يلي: حديث أنس ـ رضي الله عنه: أن الخمر لما حرمت، خرج الناس وأراقوها في الأسواق ـ وأسواق المسلمين لا يجوز أن تكون مكاناً للنجاسة، وما رواه مسلم: أن رجلا جاء براوية خمر، فأهداها للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أما علمت أنها حرمت، فساره رجل أن بعها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، ففك الرجل الراوية، ثم أراقها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ـ ولم يقل له اغسلها، وهذا بعد التحريم، ومن الأدلة على طهارتها أن الأصل الطهارة حتى يقوم دليل النجاسة، ولا دليل.. إلى أن قال: فإن قيل: كيف تخالف الجمهور؟ قلنا: الدلالة بالكتاب، والسنة والإجماع، إذا ثبت، ولا إجماع هنا. اهـ.
ومن قلد من يوثق بعلمه ودينه من أهل العلم، فلا شيء عليه، وبالتالي فإنه يجوز تقليد الشيخ ابن عثيمين في شأن طهارة الخمر, فقد ذكرنا جواز تقليده في الفتويين رقم: 227890، ورقم: 215350.
وبناء على ما سبق، فتجوز للسائل الصلاة خلف من يتحقق أنه يستعمل الإيثانول فى ثوبه تقليدا للقائلين بطهارته، ولا تتخلف عن صلاة الجمعة, ولا الجماعة, أما من تجهل حاله, هل هو متعطر بهذا العطرأم لا؟ فصل خلفه على كل حال, فالأصل طهارة ثوبه, وصحة صلاته, وعدم وجود ما يبطلها، إلا إذا ثبت ذلك بيقين.
والله أعلم.