الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، ونوصيك بما نوصي به المصابين بهذا الداء من ضرورة الإعراض عن الوسواس وعدم الاسترسال فيه، وانظر الفتوى رقم: 51601.
كما ننصحك بعدم الإكثار من الحلف امتثالا لقول الله عز وجل: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ {البقرة:224}.
وقوله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}.
وليس مطلوبا من الموسوس أن يحلف على ترك ما يوسوس فيه، بل المشروع له هو الكف والإعراض عن الوسواس وعدم التمادي فيه.
أما بخصوص ما سألت عنه: فسنحاول بسط الإجابة في نقاط لتكون واضحة للسائل الكريم:
1ـ هذه الأيمان التي حلفت إن كنت حلفتها أو حنثت فيها تحت تأثير الوسوسة بحيث لا يمكنك دفعها، فلا شيء عليك ـ إن شاء الله ـ لأنك في معنى المكره، وإن لم يكن حلفك ولا حنثك تحت تأثير الوسوسة فتلزمك الكفارة عن كل محلوف عنه أو عليه إذا حنثت في يمينك، وانظر الفتوى رقم: 164941.
2ـ الأولى أن تسامح ذلك الشخص الذي حلفت على عدم مسامحته، ثم تكفر عن يمينك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إني والله ـ إن شاء الله ـ لا أحلف على يمين ثم أرى خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير. متفق عليه.
3ـ التوبة الصادقة تجب ما قبلها، بمعنى أنها تمحو الإثم إن حصلت وفق الشروط المبينة في الفتوى رقم: 78925، لكنها لا تسقط الكفارة إذا ترتبت على الشخص، وانظر فتوانا رقم: 9302،
4ـ كفارة اليمين جاءت مبينة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ {المائدة:89}.
وهي على الترتيب والتخيير معا، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 2053.
وإذا أراد الإنسان الإطعام، فإن الواجب المجزئ في كفارة اليمين بالإطعام هو: نصف صاع من الطعام الذي يطعم منه الشخص نفسه وأهله، لكل مسكين، وقدره: كيلو ونصف تقريباً، كما يجزئ إطعام المساكين وجبة غداء وعشاء، ولا يجزئ غداء فقط أو عشاء فقط، وانظري الفتوى: 95847.
ولذا، فإن ساندويش مع عصير وماء لا يجزئ في الإطعام إلا إذا كان ذلك هو أوسط ما يطعم به صاحب الكفارة أهله، لقول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ {المائدة:89}.
وإذا كان هو أوسط ما يطعم به صاحب الكفارة أهله، فلابد أيضا من إعطاء ذلك القدر للمسكين مرتين، وانظر الفتوى رقم: 256207.
5ـ يجزئ دفع الكفارة للعمال إذا كانوا فقراء مسلمين لا تلزم صاحب الكفارة نفقتهم، أما إذا لم يكونوا فقراء، أو كانوا غير مسلمين، فإنه لا يجزئ دفعها لهم، وانظر الفتوى رقم: 50362.
كما لا تجزئ إذا أطعم بها عماله الذين قد التزم بنفقتهم، لأنه بدفعها لهم يكون قد أسقط بها عن نفسه ما وجب عليه لهم.
6ـ المطلوب من صاحب الكفارة إطعام عشرة مساكين سواء كان ذلك دفعة واحدة أو متفاوتين، وانظر الفتوى رقم: 132899.
والله أعلم.