الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يثيبك على حرصك على إسعاد اليتيمة، وبَذْلِك لها، وننصحك أن تبيّن لها أنه لا مانع لديك من استمرار المساعدة لها شريطة أن تضعها في الأمور المهمة، وأن تجتنب الإسراف، وكذلك يمكنك أن تأتي لها باحتياجاتها في صورة عينية، وبهذا تحافظ على صرف أموالك فيما نويت.
فإن أبيت إلا أن تقطع نفقتها؛ فقد اختلف العلماء في مقولة: "أعاهد الله.." هل هي يمين أم لا؟ وقد بينا خلافهم بالفتوى رقم: 164141، وتوابعها، والأقرب من أقوالهم ما ذهب إليه الأحناف والحنابلة من أن عهد الله يعتبر يمينًا،
ولذلك؛ فالواجب أن تحافظ على عهدك، فإذا لم تفِ به لزمتك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد شيئًا من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام.
ومحل ذلك، إذا نطقت بذلك، ولم يكن مجرد عزم، كما بينا بالفتوى رقم: 229114.
وأما وعدك إياها: فطالما كنت عازمًا على الوفاء، ثم بدا لك لمصلحة ألا تفي، فلا حرج عليك؛ قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: خلف الوعد لا يقدح إلا إذا كان العزم عليه مقارنا للوعد، أما لو كان عازما ثم عرض له مانع أو بدا له رأي، فهذا لم توجد منه صورة النفاق، قاله الغزالي في الإحياء، وفي الطبراني في حديث طويل ما يشهد له، ففيه من حديث سلمان: إذا وعد وهو يحدث نفسه أنه يخلف، وكذا قال في باقي الخصال، وإسناده لا بأس به، ليس فيهم من أجمع على تركه، وهو عند أبي داود، والترمذي، من حديث زيد بن أرقم مختصرًا بلفظ: إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يفِ، فلا إثم عليه. انتهى.
وإن كنا ننصحك بألا تقطع النفقة، ولكن توجهها، أو تحضر لها ما تحتاجه بأعيانه، دون أن تدفع لها مالًا.
والله أعلم.