الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحلفك بالطلاق حال غضب شديد، لا يمنع من انعقاد اليمين، ما دمت حلفت مدركاً لما تقول، غير مغلوب على عقلك.
قال الرحيباني الحنبلي –رحمه الله-: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ ... " مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى.
واعلم أنّ أكثر أهل العلم على أنّ من حلف بالطلاق الثلاث، وحنث في يمينه، طلقت زوجته ثلاثاً، وبانت منه بينونة كبرى، سواء قصد بيمينه إيقاع الطلاق، أو قصد مجرد التهديد والتأكيد، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يجعل الحالف بالطلاق للتهديد، أو التأكيد كالحالف بالله، فإذا حنث في يمينه، لزمته كفارة يمين، ولم يلزمه طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592
وعليه، فالمفتى به أنّك إذا حنثت في يمينك، طلقت زوجتك ثلاثاً، وبانت منك بينونة كبرى، وحنثك في هذا اليمين، يتوقف على نيتك بما تلفظت به؛ لأنّ النية تخصّص العام، وتعمّم الخاص، فإن كنت قصدت ألا يصل إلى زوجتك منك مال مطلقاً، فإنك تحنث بوصول مالك إليها ولو كان للنفقة الواجبة، وأما إن كنت قصدت المال الزائد عن النفقة الواجبة، فلا تحنث بغيره، وإذا لم تكن لك نية معينة في اليمين، فالعبرة بسبب اليمين، وما هيجك على الحلف، كما بيناه في الفتوى رقم: 191773
وما دام في المسألة تفصيل، وتفريع، فينبغي أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم، وورعهم.
وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق، فهو من أيمان الفسّاق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.