الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نفتي به في مسألة الحلف بالطلاق هو قول الجمهور، وهو: وقوع الطلاق بالحنث في اليمين، لكنّ بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ الحلف الذي لا يقصد به إيقاع الطلاق له حكم اليمين بالله؛ فتلزم بالحنث فيه كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592.
وعليه؛ فالمفتى به عندنا: أنّك إذا حنثت في يمينك وقع طلاقك، وحنثك في هذا اليمين يتوقف على نيتك بما تلفظت به؛ لأنّ النية تخصّص العام وتعمّم الخاص، فإن كنت نويت بحلفك ألا تشتري سيارة (فورد) مطلقًا، فإنك تحنث بشراء أي سيارة (فورد) سواء كانت من نفس النوع الذي كان عندك أو غيره، وأما إن كنت نويت ألا تشتري سيارة (فورد) من نفس نوع السيارة التي كانت عندك، فلا تحنث إذا اشتريت سيارة (فورد) من نوع آخر، وإذا لم تكن لك نية معينة وقت حلفك، فالمرجع حينئذ إلى سبب اليمين وما هيّجها، وهو المعروف عند المالكية ببساط اليمين؛ قال ابن عبد البر -رحمه الله-: "والأصل في هذا الباب: مراعاة ما نوى الحالف؛ فإن لم تكن له نية نظر إلى بساط قصته ومن أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته" الكافي في فقه أهل المدينة - (ج 1 / ص 452). وراجع الفتوى رقم: 191773.
وإذا لم يكن لليمين سبب معين أو كان السبب لا علاقة له بتعيين نوع السيارة، فالمرجع إلى ظاهر اللفظ؛ فتحنث بشراء مطلق السيارة (فورد)؛ قال ابن قدامة الحنبلي -رحمه الله-: "فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها؛ فيقوم مقام نيته لدلالته عليها، فإن عدم ذلك حملت يمينه على ظاهر لفظه" عمدة الفقه (ص: 124).
واعلم أن الحلف المشروع هو: الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق: فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.