الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على إعجابك بموقعنا، ونسأل الله سبحانه أن يوفقنا وإياك إلى طاعته وخدمة دينه وأن يرزقنا شكره وحسن عبادته، ونسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على حرصك على دين هذه المرأة، وأن يوفقنا الله وإياها على الثبات على الحق، وأن ييسر لها زوجا صالحا يعفها.
واعلم أن التعارف بين الرجال والنساء من خلال الإنترنت أو غيره لا يجوز، فهو ذريعة إلى الفتنة والفساد، فلا يؤمن أن يكون مدخلا للشيطان للوقوع فيما يغضب الرحمن، ورب العزة والجلال يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ....الآية {النور:21}. هذا أولا.
ثانيا: لا يخفى أن الإقامة في بلاد الكفر تنطوي على مخاطر كثيرة، ولعل هذا القانون الذي أشرت إليه بقولك: يفترض أن يكونا التقيا شخصيا على الأقل مرة واحدة وأن يقوما بتزويد اثباتات من خلال صورة ملتقطة معا...الخ، قوانين أشد منه نكرانا، مما يبين خطورة الإقامة هنالك وخاصة على الأولاد في المستقبل، ومن هنا شدد العلماء في أمر الإقامة هنالك ومنعوها لغير ضرورة أو حاجة شديدة، وانظر الفتوى رقم: 2007.
وزواجك من هذه المرأة ليس بضرورة أو حاجة شديدة، وإن كانت في مكان يقل فيه المسلمون وتخشى على دينها فيه وجب عليها الهجرة إلى مكان تأمن فيه على دينها، ويمكنها التواصل مع إخوانها المسلمين في المراكز الإسلامية هنالك ليعينوها في البحث عن رجل صالح يتزوجها، ولا حرج عليها شرعا في البحث عن الأزواج؛ كما بينا في الفتوى رقم: 18430.
ثالثا: سفر المرأة بغير محرم لا يجوز؛ كما هو مفصل في الفتوى رقم: 6219، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، كحال الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، أو الهجرة من مكان الخوف إلى مكان الأمن ونحو ذلك.
رابعا: لا يكون الزواج صحيحا إلا إذا توفرت فيه شروطه وأركانه، ومن أهمها الصيغة: وهي الإيجاب والقبول، والولي: ومن ليس لها ولي مسلم يزوجها القاضي المسلم، وفي حالة عدم وجوده توكل رجلا عدلا من المسلمين، كما أوضح ذلك الفقهاء، ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 72019، فلا يشترط التوثيق ـ مع أهميته ـ ولكن لا يصح الزواج بالصورة التي ذكرتها في سؤالك لاختلال بعض الشروط فيه، ولا يغيب عن ذهنك ما نبهنا عليه سابقا بخصوص الإقامة هنالك أو سفرها بغير محرم.
خامسا: الغالب في الزواج الذي يتم من خلال التعارف عبر وسائل التواصل أن يكون مصيره الفشل، فكثيرا ما يكون التكلف والتصنع من أي من الطرفين في إظهار الوجه الحسن، وإذا تم الزواج انكشف الغطاء، وبان كل منهما على حقيقته فيحصل الشقاق ويكون الفراق، وهنالك كثير من الوقائع التي تثبت ذلك، وقد وردت إلينا في كثير من الأسئلة.
فإذا أردت السلامة لدينك وعرضك فأعرض تماما عن التفكير في الزواج من هذه المرأة واقطع كل علاقة لك بها، وابحث عن امرأة صالحة من نساء بلدك، معروفة في دينها وخلقها، ومدخلها ومخرجها، فالزواج مشوار طويل، إن لم يبن على أساس صحيح انهار بنيانه، فيندم صاحبه حيث لا ينفع الندم، ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 8757، 19333، 123457.
والله أعلم.