الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما حصل بينك وبين زوجك لا يترتب عليه طلاق؛ لأنّك لم تتلفظ بصريح الطلاق ولم تنوه، ولست مطالبًا بالتدقيق في النية ومجاراة الأوهام والشكوك، فالأصل بقاء النكاح ولا يزول بالشك، وانظر الفتوى رقم: 296854.
أما بخصوص وقوع الطلاق بالكنايات مع النية: فأصله في السنة النبوية؛ ففي صحيح البخاري عنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: أَنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ، لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَنَا مِنْهَا، قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ لَهَا: «لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الحَقِي بِأَهْلِكِ».
قال السندي -رحمه الله-: قَوْلُهُ (الْحَقِي بِأَهْلِكِ) أَيْ: فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ، بَلْ يَقَعُ بِالْكِنَايَةِ أَيْضًا". حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 631).
وليس في إيقاع الطلاق بالكناية إشكال، فإنّ الفقهاء يشترطون لوقوع الطلاق بالكناية نية إيقاع الطلاق أو ما يقوم مقامها، فإذا نوى الرجل إيقاع الطلاق وتلفظ بلفظ يحتمل معناه الطلاق وقع طلاقه؛ لأن الألفاظ لا تراد لذاتها، وإنما للدلالة على المعاني؛ قال ابن القيم -رحمه الله-: "وَالْأَلْفَاظُ لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا، بَلْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَقَاصِدِ لَافِظِهَا، فَإِذَا تَكَلَّمَ بِلَفْظٍ دَالٍّ عَلَى مَعْنًى، وَقَصَدَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ، وَلِهَذَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنَ الْعَجَمِيِّ وَالتُّرْكِيِّ وَالْهِنْدِيِّ بِأَلْسِنَتِهِمْ". زاد المعاد في هدي خير العباد (5/ 291).
وننصحك بالحذر من كثرة السؤال والبحث في دقائق مسائل الطلاق ونحوها؛ فإنّ ذلك يفتح باب الوساوس ويشوش فكرك.
والله أعلم.