الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما بخصوص المادة التي سميتها: فلا علم لنا عن حقيقتها، والمرجع في معرفتها إلى أهل الاختصاص، والخبرة في شأنها، فلا يمكننا الحكم عليها.
لكن مجرد كون المادة تسرع من نمو الحيوان، ليس معنى يوجب تحريم إعلافه إياها، إلا من جهة أخرى، ككون المادة توجب الضرر بالحيوان، أو بالإنسان، فحينئذ يحرم ذلك؛ لقوله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ {النساء:29}، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر، ولا ضرار. أخرجه مالك، وحسنه النووي.
وأما ما يتعلق ببيع لحم الحيوان الذي أعلف بمواد تسرع نموه: فإن كانت المادة لا تلحق ضررا بالإنسان كما تقدم، فلا حرج في بيعه، لكن يجب على البائع بيان ذلك للمشتري إن كان يكرهه؛ لأن كتمانه من الغش، وفي الحديث: ومن غشنا؛ فليس منا. أخرجه مسلم. وانظر الفتوى رقم:300400.
وأما الغرر المنهي عنه شرعا فهو: المجهول العاقبة، ولا يدرى أيكون أم لا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 23724. والأصل أن الحكم على بيع ما بأن فيه غررا، المرجع فيه إلى أهل الخبرة.
قال ابن القيم: وقول القائل: "إن هذا غرر ومجهول" فهذا ليس حظ الفقيه، ولا هو من شأنه، وإنما هذا من شأن أهل الخبرة بذلك. فإن عدوه قمارا، أو غررا فهم أعلم بذلك، وإنما حظ الفقيه يحل كذا؛ لأن الله أباحه، ويحرم كذا؛ لأن الله حرمه، وقال الله، وقال رسوله، وقال الصحابة. وأما أن يرى هذا خطرا، وقمارا أو غررا فليس من شأنه، بل أربابه أخبر بهذا منه، والمرجع إليهم فيه، كما يرجع إليهم في كون هذا الوصف عيبا أم لا، وكون هذا البيع مربحا أم لا، وكون هذه السلعة نافقة في وقت كذا، وبلد كذا، ونحو ذلك من الأوصاف الحسية، والأمور العرفية، فالفقهاء بالنسبة إليهم فيها، مثلهم بالنسبة إلى ما في الأحكام الشرعية. اهـ. من إعلام الموقعين.
والله أعلم.