الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت زوجتك خرجت مع أمّها بعد أن علّقت طلاقها على الخروج، فالمفتى به عندنا أنّها طلقت بذلك، وإذا كان هذا الطلاق قبل الدخول، أو الخلوة الصحيحة، فقد بانت به منك، ولم يكن لك رجعتها إلا بعقد جديد، فإن كنت أرجعتها بعد هذا الطلاق من غير عقد جديد، فرجوعك باطل، وقد زالت عصمة الزوجية، ولم يلحقها طلاقك بعد ذلك، وعليك حينئذ مفارقتها فوراً حتى تعقد عليها عقداً جديداً.
أمّا إذا كانت زوجتك لم تخرج مع أمها، أو خرجت، وقد عقدت عليها بعده عقداً جديداً، ثم تلفظت بلفظ الطلاق الثلاث والتحريم، فقد بانت منك بينونة كبرى، ولا تملك رجعتها إلا إذا تزوجت زوجاً غيرك -زواج رغبة، لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.
والطلاق في الحيض، أو الطهر الذي حصل فيه جماع، طلاق بدعة، لكنه نافذ، ولا يمنع وقوع الطلاق صدوره حال غضب شديد، ما دام صاحبه لم يفقد الإدراك بالكلية.
قال الرحيباني الحنبلي -رحمه الله-: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ، وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ. مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى.
وهذا الذي نفتي به، هو قول جمهور العلماء، بمن فيهم الأئمة الأربعة، لكنّ بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ من علّق طلاق امرأته على شرط بغرض التهديد، أو التأكيد ونحوه، ولم يقصد به إيقاع الطلاق، ثم حنث في يمينه، لم يقع طلاقه، ولكن تلزمه كفارة يمين، ويرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث، يقع واحدة، وأنّ الطلاق في الحيض، أو الطهر الذي مسها فيه غير نافذ، وأنّ طلاق الغضبان إذا اشتد غضبه، غير نافذ، ولو لم يزل عقله بالكلية، وانظر الفتوى رقم: 5584، والفتوى رقم: 11566.
وما دام في المسألة تفصيل، وخلاف بين أهل العلم، فالذي ننصح به أن تعرض المسألة على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم وورعهم.
والله أعلم.