الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية لا بد من التنبيه على أن الله تعالى قد أمر بالإحسان إلى الأبوين: ببرهما، ومعاملتهما باللطف، وحسن الصحبة، حيث قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً (الأحقاف: 15). وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً (لقمان: 15).
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
فالواجب عليكم بر أبيكم, وأن لا تردوا بالمثل على ما يصدر عنه من إساءة, وسب, وشتم, وأنتم مأجورون على تحمله.
ثم إذا كان أبوكم يقدرعلى الصيام, فإنه يجب عليه, وإن كان الصيام يضر به, فإنه يباح له الفطر, وعليه أن يعتمد في هذا على طبيب عارف, كما ذكرنا في الفتوى رقم: 68008.
وبخصوص نصيحتك لأبيك, فإذا علمت أنها لا تفيد, أو يلحقك أذى بسببها, فإنها تسقط عنك, ولا يلحقك إثم.
جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: والنصيحة فرض، يجزئ فيه من قام به، ويسقط عن الباقين، والنصيحة لازمة على قدر الطاقة، إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه، ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه. وأما إن خشي الأذى، فهو في سعة منها. انتهى.
وبخصوص ما يسمى بالنفة, فإنها في حكم الدخان, ويحرم تناولها على الصائم, وغيره, لكن الحرمة أشد بالنسبة للصائم, وراجعي في ذلك، الفتوى رقم: 112528
وتناول النفة، مبطل للصيام، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 79399, وما ذكره أبوك من المسوغات، أمر باطل، لا يلتفت إليه, كما أن فتوى إباحة تناول النفة، تفاديا للسب, والشتم، غير واضحة لنا.
والله أعلم.