الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على تَحَرِّيك للحلال، وخشيتك من الحرام، وهكذا ينبغي أن يكون شأن المسلم الحريص على دينه، والسلامة من حقوق الناس ومظالمهم.
وأما ما ذكرته، فكان الأولى أن تبحث عن أحد أهل العلم حيث أنت لتشافهه بالمسألة؛ ليستفصل منك عما ينبغي الاستفصال عنه، ويعسر ذلك من خلال السؤال عن بعد، لكن للفائدة نجيبك عما سألت عنه إجمالا دون الوقوف عند النقاط التي ذكرتها في سؤلك لتداخلها:
أولا: مسألة بيع العقار على الشركاء لامتناع قسمته، فيه تفصيل وشروط، بيناها في الفتوى رقم: 104153.
وإذا لم توجد محاكم شرعية، فيمكن الرجوع إلى أهل الحل والعقد، وأهل العلم في ذلك. وإن تعذر ذلك، فلا بأس بالتحاكم إلى المحاكم القانونية، لاستخلاص الحق، ودفع الضرر، وإزالة الظلم، وفق ما بيناه في الفتوى رقم: 236581.
وإذا تبين للمرء أن ما وُكِّل فيه يترتب عليه ظلم للغير، وأكل لماله بالباطل، فيجب عليه الكف عن ذلك، وعدم إعانة الآثم على إثمه وظلمه، قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
كون أحد الشركاء وزارة الأوقاف، أو غيرها، لا يمنع رفع الظلم وإزالة الضرر، وقد نص بعض أهل العلم على أن الوقف إذا لم يعد يمكن الانتفاع به، جاز نقله إلى مكان آخر ينتفع به فيه، أو يوضع ثمنه في مثله أو نحوه، وهكذا. ومما ذكره من يقول بجواز وقف المشاع، مع عدم إمكان القسمة، أنه إذا أراد الشركاء البيع، فيباع، ويجعل ثمن حصة الوقف في مثلها.
جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: وإن كان مما لا يقبل القسم فهل يصح أم لا؟ قولان مرجحان، وعلى القول بالصحة، يجبر الواقف على البيع إن أراده الشريك، ويجعل الثمن في مثله. اهـ.
ثالثا: لو امتنع بعض الشركاء من أخذ حصته من الثمن، فلا إثم على من طلب القسمة، ودعا إلى الاجبار على البيع، وكون المحكمة ستحفظ حق الشركاء في حساب ربوي حتى يأخذوها، فإن ذلك لا يمنع طلب القسمة، والسعي في إزالة الضرر، ولا إثم في ذلك، وعلى أصحاب الحقوق المبادرة إلى سحب حقوقهم، وعدم تركها لدى البنك الربوي.
هذا خلاصة ما اتضح لنا حول مجمل المسألة، ولا ينبغي الاكتفاء فيها بالسؤل عنها عن بُعد، بل تطرح على أهل العلم مباشرة حيث أنتم، ليطلعوا على حقيقة الأمر.
والله أعلم.