السؤال
1) ما هو حكم الوقف على عقار مملوك بالشيوع إذا كان جزءا من الوقف صحيح والجزء الآخر باطل؟ حيث قام والدي بوقف الجزء المملوك له بالعقار، وقام وبموجب وكالات معطاة له مني ومن إخوتي ووالدتي بوقف الحصة التي نملكها علماً بأن الوكالات لا تخوله إجراء الوقف وعلماً بأنه تم تسجيل الوقف حسب الأصول.
2) وهل يجوز لوالدي (وهو والحمد لله ما زال على قيد الحياة) وهو من أوقف العقار الرجوع عن قراره حيث إن هذا العقار المملوك على الشيوع والذي تم وقفه هو مصدر الدخل الوحيد لنا كعائلة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر أن والدكم أوقف ما تملكون بلا أمر منكم أو وكالة تقتضي ذلك، ومثل هذا الوقف يعد تصرفا فضوليا من والدكم، وتصرف الفضولي صحيح في الراجح، وينفذ بإقرار المالك لتصرف الفضولي، وبناء على هذا، فإذا أقررتم فعل أبيكم نفذ، وإن لم تقروه حق لكم أن تستردوا ملككم الذي أوقفه أبوكم دون إذن منكم.
أما إذا وجد ما يدل على أن والدكم فعل هذا بإذن منكم أو وكالة فلا يحق لكم الرجوع في الوقف لأنه انفصل من ملككم إلى ملك الله تعالى أو إلى ملك الموقوف عليهم في أحد أقوال الفقهاء.
وسواء قلنا بنفاذ الجزء الذي تملكونه أنتم من هذا العقار أو بعدم نفاذه فإنه لا يحق لأبيكم أن يرجع فيما أوقف وكون الجزء الذي أوقفه أبوكم مشاعا لا يضر في قول جماهير الفقهاء.
قال ابن قدامة في المغني: ويصح وقف المشاع وبهذا قال مالك والشافعي وأبو يوسف. وقال محمد بن الحسن: لا يصح، وبناه على أصله في أن القبض شرط وأن القبض لا يصح في المشاع ولنا أن في حديث عمر أنه أصاب مائة سهم من خيبر واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فيها فأمره بوقفها وهذا صفة المشاع، ولأنه عقد يجوز على بعض الجملة مفرزا فجاز عليه مشاعا كالبيع أو عرصة يجوز بيعها فجاز وقفها كالمفرزة ولأن الوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، وهذا يحصل في المشاع كحصوله في المفرز. اهـ
وقال في مواهب الجليل وهو مالكي: يجوز وقف العقار سواء كان شائعا كما لو وقف نصف داره أو غير شائع. اهـ
ويشترط لجوازه عندهم أن يكون مما يقبل القسمة لئلا يتضرر الشركاء كما صرح به في المواهب بعد النقل السابق.
وقال السرخسي في المبسوط وهو حنفي: ولو وقف نصف أرض أو نصف دار مشاعا على الفقراء فذلك جائز في قول أبي يوسف رحمه الله، لأن القسمة من تتمة القبض. اهـ
والحاصل أن وقف حصة أبيكم من العقار صحيح وليس بإمكانه الرجوع عنه، وأما حصتكم أنتم فيتوقف نفاذها على ما إذا كنتم قد فوضتم له الوكالة في تحبيسها أو على إمضائكم لما فعله إن كنتم لم تأذنوا له فيما فعل أصلا.
والله أعلم.