الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك تواصلك مع موقعنا ، لكن نصدقك القول بأن السؤال على طوله مثار للاستغراب ! فكيف يُسأل عن فائدة الاهتمام بالحسنة، والمسارعة في الخيرات، والمواظبة على الأعمال الصالحة، إن هذا لشيء عجاب! ما ذكرته بقولك: ( فهل كلما زادت الإنسان حسنات العبد زادت درجته من الجنة وزاد قربه من الله ) جوابه: أن هذا من الأمور البينة التي لا تحتاج إلى كبير استدلال، فإن أهل الجنة يتفاوتون في درجاتهم فيها تفاوتا عظيما، وهل ذلك إلا بالحسنات من الإيمان والعمل الصالح؟!
ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم، قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين. وفي الحديث: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة. رواه البخاري. والحديثان يدلان على أن تفاوت المنازل إنما يكون بالعمل، كما قال تعالى: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {الأعراف:43}، قال القرطبي: ومعنى أورثتموها بما كنتم تعملون، أي: ورثتم منازلها بعملكم. اهـ.
وقال ابن عيينة: كانوا يرون النجاة من النار بعفو الله، ودخول الجنة بفضله، واقتسام المنازل بالأعمال. ذكره ابن رجب في رسائله .
فهل بعد هذا يُسأل عن جدوى الحرص على عمل الخير؟! وهل يدري المرء الحسنة التي تقبل منه وتدخله الجنة؟ أم هل يضمن المرء ألا تكون الحسنة ما قد ترجح بها كفة حسناته على سيئاته؛ كما قال ابن حجر: فينبغي للمرء أن لا يزهد في قليل من الخير أن يأتيه، ولا في قليل من الشر أن يجتنبه، فإنه لا يعلم الحسنة التي يرحمه الله بها، ولا السيئة التي يسخط عليه بها .اهـ. من فتح الباري.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم:61088 ، والفتوى رقم: 144987، والفتوى رقم: 214885.
والله أعلم.