الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسائل التي فيها خصومة ومنازعات، لا تفيد فيها الفتوى، وإنما مردها إلى القضاء الشرعي؛ فهو صاحب الاختصاص.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: المسائل التي فيها خصومة، من الحكمة ألا يُفْتِي فيها أحد؛ لأنه قد يُفْتِي بحسب ما سمعه من الخصم، ويكون عند خصمه ما يدفع به الحجة.
ولأنه إذا أفتى، فربما يأخذ الخصم هذه الفتيا من أجل أن يحتج بها على القاضي إذا جلسوا بين يديه، مع أن المفتي لم يعلم عن دفع هذه الحجة، فأنا أشير على إخواني طلبة العلم، بأنه إذا استفتاهم أحد في مسائل فيها خصومة أن يقولوا: هذه أمرها إلى القضاة، لئلا يوقعوا الناس في شر وبلاء. اهـ.
ومن حيث العموم، نقول: إنّ العلماء اختلفوا في الإبراء هل يفتقر إلى قبول أم لا؟
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اختلف الفقهاء في أن الإبراء يتوقف على القبول أو لا، على اتجاهين: أحدهما: عدم حاجة الإبراء إلى القبول، وهو مذهب الجمهور (الحنفية والشافعية في الأصح، والحنابلة) ....
الاتجاه الآخر: حاجة الإبراء إلى القبول، وهو القول الراجح في مذهب المالكية، والقول الآخر للشافعية. اهـ.
فعلى القول بافتقار الإبراء إلى قبول، فإن إبراء المرأة لك لم يتم؛ لأنّك لم تقبله، وأمّا على القول الآخر، فقد تم الإبراء، ولا حقّ للزوجة في الرجوع فيه.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية : " ....للاتفاق على عدم جواز الرجوع في الإبراء بعد قبوله؛ لأنه إسقاط، والساقط لا يعود. اهـ.
وإذا ثبت للزوجة مؤخر الصداق، فحقها في مثله، وليس في قيمته في وقت تحمله، ولا عبرة بتغير قيمة العملة، على القول الراجح من أقوال العلماء، كما سبق بيان ذلك في الفتويين: 27496، 129700.
والله أعلم.