الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على تعلم أمر دينك، نسأل الله أن يثبتك، وأن يؤتيك من لدنه رحمة، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.
ثم اعلمي أن والدك حريص على ما ينفعك، يحب لك الخير. وما يأمرك به وينهاك عنه، سببه إنما هو هذا الحرص على مصلحتك.
فمجالسة الطالبات اللاتي لا يعرف حالهن، قد يكون سببا للتأثر بهن؛ ولذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من جليس السوء، وشبهه بنافخ الكير: إما أن يؤذي بنتن دخان كيره، أو يتطاير منه الشرر فيحرق الثياب. وهكذا جليس السوء، قد يكون من بين الطالبات بنات صالحات، لكن لكثرة الفساد وسوء الأخلاق، ربما أراد الأب سد الباب، والبعد عن مجالستهن، خشية عليك. فاحمدي له ذلك، ولا تظني أنه يتسلط، أو يقيد من حريتك. فالطبيب يقول للمرء لا تطعم كذا، ولا تشرب كذا؛ لأنه يضر بصحتك، ويؤثر عليك. فيقبل المرء منه ذلك، ممتنا له شاكرا.
ثم إن هذه المسألة برمتها داخلة تحت حدود طاعة الأب ما يجب منها، وما لا يجب. وقد ذكر أهل العلم أن طاعته واجبة، لكنها مقيدة بالمعروف، وفي غير معصية الله عز وجل مما فيه نفعه، ولا ضرر فيه على الولد. أما ما لا منفعة له فيه، أو ما فيه مضرة على الولد، فإنه لا يجب عليه طاعته فيه حينئذ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الاختيارات: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين... وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر عليه. انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي:... والحاصل أن مخالفة الوالد خطيرة جداً، فلا يقدم عليها إلا بعد إيضاح السبب المجوز لها عند ذوي الكمال. انتهى.
وللفائدة، انظري الفتويين: 100276/241507
والله أعلم.