الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الوالد المتوفى قد اشترى السيارة لابنه حقيقة، على أساس أن الابن هو الذي سيسدد أقساطها، كما ورد في السؤال. فهذا الدين الباقي من أقساط ثمن السيارة، على الابن، وهو المطالب الآن بقضاء هذا الدين.
وأما ذمة الوالد، فلا يحكم بشغلها إلا باعتباره كان كفيلا لابنه في السداد؛ بسبب كون السيارة باسمه. وموت الكفيل لا يبطل الكفالة؛ لأن الوفاء بحكم الكفالة ممكن بعد موته من تركته، فيؤخذ منها الدين، ثم يعود الورثة على الابن المكفول عنه، عند حلول أجل الدين. وراجعي في تفصيل ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 116997، 289138، 93605.
وأما الأعطال التي اكتشفت في السيارة بعد شرائها، فنقول: إن كانت هذه العيوب توجب نقصان الثمن في عادة التجارة، وعلم أنها كانت في السيارة قبل شرائها، ولم تحدث في ملك المشتري، فله الحق إما في الفسخ واسترجاع الثمن، وإما في أرش العيب (أي قيمته، وهو قدر نسبة النقص في السعر بسبب هذا العيب) وانظري الفتويين: 61386، 213655.
وهذا من حيث الأصل والإجمال، وأما في حال ما إذا علم المشتري بالعيب، ولم يرد المعيب على الفور، فهذا محل خلاف، وتفصيل في سقوط الضمان وحق الخيار، فمنهم من يقول: لا يسقط بالتأخير، ما لم يوجد منه ما يدل على الرضا. ومنهم من يقول: تجب المبادرة للفسخ، وإلا سقط، ومرادهم بالفورية: الزمن الذي يمكن فيه الفسخ بحسب العادة. ومنهم من يقول: إن حصل في يوم فأقل، لم يحتج لرده إلى اليمين بعدم حصول رضاه، وإن تأخر إلى يومين، رده مع اليمين بأنه ما رضي بالمعقود عليه. وانظري للفائدة، الفتويين: 190207، 183539.
ولا يخفى أنه بعد مضي ثلاث سنوات على البيع، ومعرفة العيوب، وعدم المطالبة بأرشها، مع استدامة استعمال السيارة، أن ذلك يدل على الرضا بالمبيع، وبالتالي يسقط حق الخيار.
جاء في الموسوعة الفقهية: يسقط حق الشفعة والرد بالعيب، بالتقصير في المطالبة بهما، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء. اهـ.
والله أعلم.