الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن ترك الصلاة والصوم، ذنب عظيم، فالصلاة عمود الدين، وقد جاءت النصوص بأن تركها كفرٌ، وهو دائرٌ بين الأكبر، إن كان التارك جاحدًا لوجوبها، وبين الكفر الأصغر إن كان مقرًّا بوجوبها، لكن يتركها كسلًا، بل إن من العلماء من يرى كفر تارك الصلاة مطلقًا؛ عملًا بظاهر النصوص.
كما أن صوم رمضان ركن من أركان الإسلام العظام، وترك صيامه من غير عذرٍ، كبيرةٌ من كبائر الذنوب، قال المناوي في فيض القدير: وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ مُقَرَّرٌ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ، أَنَّهُ شَرٌّ مِنْ الزَّانِي، وَمُدْمِنِ الْخَمْرِ، بَلْ يَشُكُّونَ فِي إسْلَامِهِ، وَيَظُنُّونَ بِهِ الزَّنْدَقَةَ، وَالانحلال. اهـ.
والوقوع في العادة السرية، أو غيرها من الذنوب، ليس عذرًا يحمل على ترك الصلاة، ولو أن كل من أذنب ترك الصلاة والصوم ما صلى، ولا صام أحدٌ.
وشعورك -أيها السائل- بالذنب، ودعاؤك الله بالهداية، والتوبة، هذا أمر حسن، ودلالة على وجود الخير فيك، ولكنه وحده لا يكفي.
وسؤالك هل أنت كافر؟ هذا أيضًا لا يهم الآن، بقدر أهمية وجوب المبادرة إلى التوبة إلى الله تعالى، وتدارك ما فات، فالله تعالى رحمته وسعت كل شيء، ولم يقنط عاصيًا من التوبة، والمغفرة، فتب إلى ربك، واستغفره قبل أن يدهمك الموت، فتندم ولات ساعة مندم.
وتدبر دائمًا قوله سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) {سورة الزمر}.
فتب إلى الله توبة نصوحًا، واقض ما فاتك من صلاة، وصيام حسب طاقتك؛ حتى تبرأ ذمتك.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل في هذا الموضوع، انظر الفتاوى: 280648، 130853، 323452، 347869.
والله تعالى أعلم.