الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنحن لا يمكننا من خلال ما ذكرت عنها الحكم بما إن كان من الممكن تقويمها أم لا، وأنت أدرى بحالها، وما إن كانت هذه الصفات السلبية التي ذكرتها عنها يمكن معالجتها أم لا.
ولعلك إن تحريت الحكمة في التصرف معها تتمكن من إصلاحها، فالأخلاق يمكن أن تكتسب، والحلم عن المسيء يمكن أن يقلب عداوته إلى محبة، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، قال ابن كثير في تفسيرها: ادفع بالتي هي أحسن؛ أي: من أساء إليك، فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر -رضي الله عنه-: ما عاقبتَ من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه. وقوله: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك، ومحبتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنه ولي لك حميم؛ أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك. اهـ.
وبالنسبة للغيرة، فيمكن إرشادها إلى أن هذا نوع من ابتلاء الله لها، وأن عليها التخفيف من آثارها، بحيث لا تدفعها إلى الوقوع في الجهل، والظلم، واتهام الناس بالباطل، وخاصة في أعراضهم؛ لأن هذا قد يترتب عليه قذف الأبرياء؛ وذلك من أسباب اللعن، وهو الطرد من رحمة الله عز وجل، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}، ولمزيد الفائدة انظر الفتوى: 93577.
وضربك، وشتمك لها، أمر منكر، يتنافى مع ما أمرك الله به عز وجل من حسن معاشرتها، كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}
وهي أيضًا مطالبة بحسن معاشرتك، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
وقد يكون ضربك لها، وشتمك، استفزّها لأن تقدم على أن تفعل مثل ما فعلت، هذا مع العلم بأن الفقهاء قد بينوا أن للزوجة الحق في الاقتصاص من زوجها، إن اعتدى عليها، وراجع الفتوى: 312607.
وبما أنك قد رزقت منها الأولاد، فالطلاق قد يكون له آثاره السيئة عليهم.
فالذي نوصي به أن ترجعها بناء على ضوابط وأسس من خلال جلوسك معها، ومع العقلاء من أهلك وأهلها.
ولا تلجأ إلى الطلاق، إلا إذا استحالت العشرة، وأصبحت مصلحة الطلاق هي الراجحة. ونرجو مطالعة هذه الفتاوى للفائدة: 134877، 93248، 27662.
والله أعلم.