الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا مر على الجنين مائة وعشرون يوما، ونفخت فيه الروح، لم يجز إسقاطه ولو كان مريضا أو مشوها، ما دام حيا، إلا إن كان يشكل خطرا محققا على حياة الأم.
جاء في قرار لمجمع الفقه الإسلامي: إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوماً لا يجوز إسقاطه ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة، إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم، فعندئذ يجوز إسقاطه، سواء كان مشوهاً أم لا، دفعاً لأعظم الضررين. اهـ.
وبهذا تعرف السائلة أن مرض جنينها لم يكن مسوغا شرعيا لإجهاضه بعد نفخ الروح، ما دام لا يشكل خطرا على حياتها، ولكن إذا كانت السائلة قد سألت من تثق في دينه وعلمه، فأفتاها بجواز ذلك، فقلدته باعتقاد أن ذلك هو الصواب، فنرجو أن تكون معذورة عند الله تعالى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أفتي بغير علم، كان إثمه على من أفتاه. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
قال القاري في (مرقاة المفاتيح): يعني: كل جاهل سأل عالما عن مسألة، فأفتاه العالم بجواب باطل، فعمل السائل بها ولم يعلم بطلانه، فإثمه على المفتي إن قصر في اجتهاده. اهـ.
وقال الشوكاني في (نيل الأوطار): المعنى: من أفتاه مفت عن غير ثبت من الكتاب والسنة والاستدلال، كان إثمه على من أفتاه بغير الصواب، لا على المستفتي المقلد. اهـ.
وأما ما يترتب على هذا الإجهاض من أحكام، فأمران:
أولهما الدية. وإذا كان الإجهاض تم بإذن الزوج - كما هو ظاهر السؤال- فإنها تسقط، وحتى على القول بوجوبها، فإنها تسقط بعفو الزوج عنها؛ لأنه صاحب الحق في ميراث الجنين.
وثانيها: الكفارة. وهي في قتل الجنين محل خلاف بين أهل العلم، فأوجبها الشافعية والحنابلة، خلافا للحنفية والمالكية. والكفارة تكون بصيام شهرين متتابعين. وفي حال العجز عن ذلك عجزًا دائمًا، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الواجب هو إطعام ستين مسكينًا، ومن كان فقيرًا لا يجد ما يطعم به، فلا شيء عليه غير التوبة.
وراجعي تفصيل ذلك في الفتاوى: 333331، 347347، 363424، 150549.
والله أعلم.