الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبارة التي تلفظ به زوجك ليست صريحة في تعليق الطلاق، ولكنّها كناية، فلا يقع الطلاق بها بغير نية، فإن كان زوجك لم يقصد وقوع الطلاق إذا خرجت دون إذنه؛ ففي هذه الحال لا يقع الطلاق بخروجك دون إذنه.
أمّا إذا كان قصد تعليق الطلاق على خروجك دون إذنه في هذا اليوم فقط؛ ولم تخرجي دون إذنه فقد برّ في يمينه، وانحلت اليمين، فلا يقع عليك الطلاق بخروجك بعد ذلك في يوم آخر دون إذنه.
وإذا كان غير جازم بقصده تقييد المنع بذلك اليوم؛ فالمرجع إلى السبب الذي حمله على اليمين، لأنّ المعتبر في الأيمان النية، ثم السبب الباعث عليها.
قال ابن عبد البر(رحمه الله): والأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية نظر إلى بساط قصته، ومن أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته. انتهى من الكافي في فقه أهل المدينة. وراجع الفتوى: 191773.
وعليه؛ فالظاهر -والله أعلم- أنّ يمينه مقيدة ببقاء الوباء الذي يخشى عليكم منه، فإذا خرجت دون إذنه في زمن الوباء؛ وقع الطلاق.
وسواء سافر زوجك، أو بقي مقيماً، أو سافرت أنت؛ فإنّ زوجك إذا أذن لك بالخروج إذناً عاماً؛ لا يقع الطلاق بخروجك بعد ذلك دون استئذانه كل مرة.
جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع: إِذَا قال: إِنْ خَرَجْتِ بَغَيْرِ إِذْنِي، أَوْ إِلاَّ بِإِذْنِي، أَوْ حَتَّى آذَنَ لَكِ، أَوْ إِنْ خَرَجْتِ إِلَى غَيْرِ الحَمَّام بِغَيْرِ إِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ مَرَّةً بِإِذْنِهِ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَعْلَم، أَوْ خَرَجَتْ تُرِيدُ الحَمَّامَ وَغَيْرَهُ، أَوْ عَدَلَتْ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ طَلَقَتْ فِي الكُلِّ. لاَ إِنْ أَذِنَ فِيهِ كُلَّمَا شَاءَتْ، ......قوله: «لا إن أذن فيه كلما شاءت» فإذا قال لها: أذنت لك في الخروج كلما شئت انحلت اليمين في كل وقت. انتهى.
والله أعلم.