الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطبة مواعدة بين الطرفين يحق لأي منهما فسخها متى شاء، سئل الشيخ ابن باز عن حكم فسخ الخطبة. فأجاب بقوله: لا حرج في ذلك، إذا خطب ثم بدا له أن لا يتزوج له حق سواء بعد سنة أو أقل أو أكثر، إذا خطبها ثم بدا له أن لا يتزوجها، أو هي وافقت ثم رجعت لا حرج في ذلك الحمد لله، ما دام ما تم العقد كل بالخيار. اهـ.
فلك الحق في فسخ هذه الخطبة إن شئت، ولا تكونين ظالمة لخاطبك بذلك. ولكن إن كان هذا الرجل على ما ذكرت من أنه جيد وطيب وملتزم ويحبك كثيرا، فننصحك بالتأني، وعدم التعجل لفسخ الخطبة، لا سيما وأن ما أشرت إليه من محاذير فيما يتعلق بخطبتك من آخر مستقبلا، أو خطبة أخواتك أمر وارد.
وقد أحسنت فيما قمت به من أمر الاستخارة، وأنت بذلك تكونين متبرئة من حولك وقوتك وعلمك إلى حول الله وقوته وعلمه، ومفوضة أمرك إليه، فما اختاره لك ففيه الخير لك وإن بدا أن الأمر على غير ذلك، ولا بأس بأن تكرري الاستخارة؛ لأنها نوع من الدعاء والله سبحانه يحب الإلحاح في الدعاء، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 123457 والفتوى: 139649.
ثم إن الحياة الزوجية لا يلزم أن تقوم على الحب، ففي كتاب كنز العمال أن امرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن، ولتجمل، فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب، والإسلام.
ثم إن الحب يمكن أن يوجد بعد أن لم يكن، هذا بالإضافة إلى أنه أحيانا قد يدعى أن زواجا معينا قام على الحب، وكان مصيره الفشل.
فالمقصود التريث وعدم التعجل، وإن رأيت في نهاية المطاف أن تفسخي الخطبة، فلك الحق في ذلك كما سبق بيانه.
وينبغي للمسلم بعد الاستخارة أن يطمئن بأن ما اختاره الله له الخير؛ لئلا يقع تحت طائلة عدم الرضا بالقضاء.
قال ابن الملقن في التوضيح عند شرحه لدعاء الاستخارة: وقوله: "ثم أرضني" ... أي: اجعلني راضيًا به، إن وجد، أو بعدمه، إن عدم. والرضى: سكون النفس إلى القدر والقضاء. اهـ.
والله أعلم.