الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنالك خلاف بين الفقهاء في حكم خدمة الزوجة زوجها، والراجح عندنا أن الخدمة الباطنة واجبة عليها بما يجري به العرف، وقد بينا ذلك في الفتوى: 13158، والفتوى: 14896.
ونعلم من هذا أن ما ذكرت من أنواع الخدمة في داخل البيت واجبة على الزوجة، وأما شراء المستلزمات فلا يجب عليها.
هذا مع العلم بأن من الفقهاء من ذهب إلى أن المرأة إن كانت ممن يُخدَم مثلها يجب على زوجها أن يوفر لها خادما، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 398122.
وما ذكرناه سابقا إنما هو من الناحية الفقهية، ومن باب النصيحة ينبغي أن يسود التفاهم، والحوار البناء، والتعاون بين الزوجين في هذا الأمر، وخاصة إذا كانت المرأة عاملة، فهذا مما يحقق الاستقرار في الأسرة، ويكون مصدرا للسعادة، وقد كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يعين زوجاته في خدمة البيت.
وانظري للأهمية الفتوى: 122849.
وإذا كان الزوج على ما ذكر من كونه حنونا، ومحبا لزوجته -حال انتفاء الخلاف- فلتستغل الزوجة لحظات الصفاء للتفاهم مع زوجها بأسلوب طيب من أجل وضع أسس للتعامل بينهما، وفقا لما ذكرناه آنفا.
وننبه إلى أمرين:
الأمر الأول: أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج، ولا يلزم الزوجة أن تخرج لتعمل، وإذا تعارض عملها مع خدمتها في بيتها، فخدمتها مقدمة؛ لأن الواجب مقدم على ما ليس واجبا.
الأمر الثاني: أن المرأة إذا عصت زوجها فيما يجب عليها طاعته فيه كانت ناشزا، وعلاج النشوز في خطوات بينها الشرع، وتجدينها في الفتوى: 1103. وليس الضرب بأولها، ولا بضرب تشف، بل وليس بمحبذ، كما بيناه في الفتوى 55948، والفتوى: 194737.
ونؤكد في الختام على ما ذكرنا من تحري الحكمة، والحرص على كل ما يعين على استقرار الأسرة، وعدم ترك فرصة للشيطان ليزرع الفتنة، ويكون الشقاق، وبالتالي الفراق، فتتشتت الأسرة، ويضيع العيال.
روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت.
والله أعلم.