الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أقوال أهل العلم في حكم تارك الصلاة في الفتوى: 346180، والفتوى: 331066. والفتوى: 130853، والفتوى: 122448.
وخلاصة ما فيها أن تارك الصلاة جحودا يكفر باتفاق؛ إلا أن يكون حديث عهد بالإسلام، وأن تاركها كسلا كافر مرتد عند بعض الفقهاء، ولا يكفر عند آخرين، ومنهم من يفرق فيقول بكفر تاركها تركا كليا دون من يتركها أحيانا، ويصلي أحيانا، وملنا إلى هذا القول في بعض فتاوانا.
وأما بخصوص التعامل معهم؛ فينظر فيه إلى ما هو أصلح في توبتهم، فمن كان تاركا للصلاة، ورُجيت توبتُه بنصحِه، وتذكيرِه بالله تعالى؛ فإنه يُنصح، ويُذكر بالله، ومن رُجيت توبتُه بهجره، فإنه يُهجر، ولا يكلم، ولا يسلم عليه حتى يصلي، وهذا من حيث الكلام والسلام.
وأما التعامل معه فيما يتعلق بتزويجه؛ فإنه لا ينبغي تزويجه بكل حال -سواء رُجيت توبته أم لا- حتى يتوب ويصلي، لا سيما إذا كان تاركا لها تركا كليا، فإنه لا يُزَوَّجُ من مسلمة، لأنه غير مرضي في دينه؛ كما هو معلوم.
ولا يخاطب تارك الصلاة بشيء من ألفاظ التعظيم؛ لأنه فاسق في أقل أحواله، والفاسق لا يستحق التعظيم، وقد بوب الإمام النووي في كتابه «رياض الصالحين ت الفحل» (ص480) بابا فقال: باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بِسَيِّد ونحوه. اهـ، ثم ساق فيه حديث بُريَدَةَ -رضي الله عنه- قالَ: قالَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ، فَإنَّهُ إنْ يَكُ سَيِّدًا، فَقَدْ أسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ -عز وجل-. رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح.
وهذا الحديث وارد في مخاطبة المنافق، ولكن قال ابن علان موضحا وجه استدلال النووي به على شموله للفاسق والمبتدع قال في: دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (8/ 542): وذلك قياسا على ما في الحديث؛ لأن المعنى فيه تعظيم من أهانه الله، وذلك قدر مشترك بين المذكور فيه، والمقيس عليه. اهــ.
والله أعلم.