الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن أمك أرادت أن تهبك هذا المبلغ، ولكن الهبة المعلقة بالموت لها حكم الوصية، والوصية للوارث لا تصح، والبنت من ورثة أمها، ولها نصيب مقدر شرعا في الميراث؛ وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني. وراجعي في ذلك الفتوى: 240931.
وعلى ذلك، فلو بقي هذا المبلغ على هذا الوضع إلى وفاة أمك، فإنه سيكون من جملة تركتها، يستحقه جميع ورثتها بحسب أنصبتهم الشرعية.
وأما إن نجَّزت أمك الهبة، وملكتك هذا المبلغ في حياتها، وحزتيه أنت بالفعل بحيث يكون لك التصرف فيه كما تتصرفين في أموالك الخاصة، فهي هبة صحيحة، يترتب عليها انتقال الملك إليك.
وهنا ننبه على أنه لو كان لأمك أبناء آخرون، وخصتك بهذه الهبة على سبيل الأثرة دون بقية أولادها، فإن ذلك لا يجوز على الراجح من قولي أهل العلم، بخلاف ما إذا كان هذا التخصيص لا على سبيل الأثرة، وإنما لمعنى في البنت، كالحاجة، والفقر مثلا، فلا حرج عليها في ذلك.
قال ابن قدامة في (المغني): إن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه؛ مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده؛ لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها؛ فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. اهـ.
وراجعي في ذلك الفتوى: 171705.
والله أعلم.