الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتبين لنا على وجه التحديد التصرف الذي تسألين عن حكمه.
فإن كان مقصودك بذلك كونك طلبت منه أن يضع حدا لتصرفات أهلك معك، فمن حقك عليه أن يدفع عنك أذى أهله وظلمهم لك إن صدر منهم شيء من ذلك. روى البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما. وإذا كانت نصرة المظلوم مطلوبة في حق عامة المسلمين، ففي حق الزوجة أولى.
وأما بالنسبة للطلاق: فإن المرأة إذا كانت متضررة من البقاء مع زوجها، فلها أن تطلب الطلاق، كما بينه أهل العلم، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 37112.
ومن أخطر ما ذكرت عن زوجك أنه يكفر، ولا يصلي ولا يصوم، فإن صدر عنه ما يقتضي الردة حقيقة، ولم يتب إلى الله -سبحانه- بعد نصحه، فمثله يحرم على زوجته البقاء في عصمته ويجب عليها فراقه.
وللمزيد فيما يتعلق بحكم زوجة المرتد، انظري الفتوى: 278665، وراجعي أيضا الفتوى: 129105، ففيها بيان تعريف الردة وموجباتها.
وكذلك ترك الصلاة والفطر في رمضان لغير عذر، فكلاهما أمر خطير، ومن مسوغات طلب المرأة الطلاق، بل ويستحب لها معه فراق زوجها.
قال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: وإذا ترك الزوج حقًّا لله -تعالى-، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحبّ لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.
هذا مع العلم بأن من العلماء من ذهب إلى كفر تارك الصلاة تهاونا، والجمهور لا يرون كفره وخروجه من الملة، ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى: 1145. وتراجع أيضا الفتوى: 115593، وهي عن حكم من أفطر في رمضان لغير عذر.
وننبه إلى أهمية حسن العشرة بين الزوجة وأصهارها، وأنها ينبغي أن تكون على أحسن حال من المودة والألفة، وأن يكون كل من الطرفين على حذر من ظلم الآخر وإيذائه، فالشيطان قد يستغل مثل هذا في إلقاء العداوة والبغضاء بينهم، وقد قال تعالى: وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {الأنفال:46}. وفي الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين.
وننبه إلى أنه إذا تحققت الخلوة الصحيحة ترتبت عليها آثارها، ومن ذلك إذا وجد حمل فإنه ينسب إلى الزوج، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 347287، فراجعيها؛ ففيها مزيد فائدة، وبخصوص الإجهاض، راجعي الفتوى: 2016.
والله أعلم.