الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأولا: نود لفت انتباهكم إلى أن الفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية أو من ينوب منابها، وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع وإدراك حقيقة الدعاوي والبينات والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا، وما سنذكره هنا إنما هو على سبيل العموم والإرشاد والتوجيه.
وثانيا: نفول - وفق ما ذكرت-: إن حقكنّ في تركة الوالد ثابت باق، ما لم تتنازلن عنه عن طِيب نفس منكنّ.
والأرض التي ذكر الأب قبل وفاته أنها هي نصيبكنّ، تردّ إلى الميراث، ويقسم جميعه -مع تلك الأرض- على جميع الورثة، لكل منهم نصيبه الشرعي المقرّر في كتاب الله، إلا إذا تنازل أحدهم عن حقّه؛ فالأمر إليه، كتنازل الأمّ عن نصيبها مثلًا للورثة، فهذا لا حرج فيه.
وكون الأرض التي ذكر الأب أنها هي نصيبكنّ تردّ للميراث، ويلغى ما ذكر؛ لأنه يعدّ وصية؛ لقولك في السؤال: (على أنها ميراث لهنّ، يستلمنها بعد موته)، ولا وصية لوارث، إلا أن يشاء الورثة، وانظري الفتوى: 29851
وأما من لم يتنازل عن حقه، فلا بدّ من أدائه إليه -ذكرًا كان أو أنثى-.
ومن تجاوز حدود الله، وأكل مال غيره بالباطل، فلا يلومنّ إلا نفسه، فقد ختم الله آية المواريث بقوله: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:13ـ14}، ولمزيد فائدة، راجعي الفتويين: 405490، 50206.
والله أعلم.