الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحنث قد حصل بغير اختيار منك ـ كما هو الظاهر من السؤال ـ؛ فلا كفارة عليك عند جمهور أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني، شارحًا قول الخرقي: (ولو حلف أن يضرب عبده في غد، فمات الحالف من يومه، فلا حنث عليه، وإن مات العبد، حنث).
إذا مات العبد من يومه، فإنه يحنث. وهذا أحد قولي الشافعي.
ويتخرج أن لا يحنث. وهو قول أبي حنيفة، ومالك، والقول الثاني للشافعي؛ لأنه فقد ضربه بغير اختياره، فلم يحنث، كالمكره، والناسي. اهـ.
محل الاستشهاد من هذا الكلام هو قوله: (فلم يحنث كالمُكرَه).
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: فإن البر والحنث في اليمين نظير الطاعة والمعصية في الأمر والنهي، وإن فعل المكلف ذلك في أمر الشارع ونهيه، لم يكن عاصيًا، فأولى في باب اليمين أن لا يكون حانثًا.
ويوضحه أنه إنما عقد يمينه على فعل ما يملكه، والنسيان، والجهل، والخطأ، والإكراه غير داخل تحت قدرته، فما فعله في تلك الأحوال، لم يتناوله يمينه، ولم يقصد منع نفسه منه. بل المغلوب، والعاجز أولى بعدم الحنث من الناسي، والجاهل، كما تقدم بيانه. اهـ منه باختصار.
وفي السراج الوهاج على متن المنهاج: كمُكرَهٍ، أي: إذا حلف باختياره، ثم أكره على الحنث، فأظهر القولين: عدم الحنث. اهـ.
ولمزيد الفائدة عن الحالات التي تتكرر فيها كفارة اليمين، راجعي الفتوى: 136912.
والصومُ لا يجزئ في كفارة اليمين إلا بعد العجز عن إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم، كما سبق في الفتوى: 410764.
وهل المعتبرُ في العجز عن الإطعام, والكسوة في كفارة اليمين هو وقت الحنث، أم وقت أداء الكفارة؟ تقدم بيان ذلك في الفتوى: 279343.
ويجوز في الكفارة توكيل شخص يوثق به لكي يتولى توزيعها على مستحقيها؛ فإن الكفارة من العبادات التي تدخلها النيابة، كما تقدم في الفتوى: 370318.
والله أعلم.