الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على البر بأمك ورعايتها، وكذلك حرصك على السعي في سبيل الإنفاق على نفسك وعيالك، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك.
وإذا كانت أمك على ما وصفت من كونها قاسية وأنانية؛ فنوصيك بالصبر عليها، والحرص على برها بما هو ممكن، والتلطف معها، ومداراتها، والحذر من أن يحدث منك ما يؤذيها من قول أو فعل، فيترتب على ذلك وقوعك في العقوق.
وراجعي الفتوى: 457846. ففيها بيان ضابط العقوق.
ولا يلزم لبرك بأمك أن تتركي العمل، وأنت في حاجة إليه، ولا يلزمك الجلوس معها على وجه قد تتضررين به، وتتركين العمل، ولكن اجتهدي في سبيل كسب رضاها، وإدخال السرور عليها، بالدخول عليها، وتفقد أحوالها، والإهداء إليها أحيانا، فوسائل البر والصلة كثيرة، والحمد لله.
وانظري للمزيد الفتوى: 227326، والفتوى: 429205.
ونحسب أنك لن تعدمي حكمة تحققين بها ذلك كله. ويمكن لأولادك أن يعينوك في هذا السبيل حسب الإمكان.
ونوصيك بالتفاهم مع إخوتك، وتذكيرهم بالبر بأمهم، فإن لم يكن من سبيل لأخذها إلى بيوتهم، فلا أقل من أن يتناوبوا عليها ليؤنسوها، ويدخلوا السرور عليها، وأنه ينبغي لهم أن يستغلوا حياتها للفوز ببرها، وأن يتنافسوا في ذلك، فهي باب للجنة عظيم، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن معاوية بن جاهمة السلمي قال: أتيت رسول الله، فقلت: يا رسول الله؛ إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله، والدار الآخرة. قال: ويحك أحية أمك؟ قلت نعم. قال: ارجع فبرها. ثم أتيته من الجانب الآخر، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله، والدار الآخرة. قال: ويحك أحية أمك؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: فارجع إليها فبرها. ثم أتيته من أمامه فقلت يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله، والدار الآخرة. قال: ويحك أحية أمك؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: ويحك الزم رجلها فثَمَّ الجنة.
وننبه في الختام إلى أن الأب أو الأم إذا كان في حاجة لرعاية؛ فإن ذلك واجب على جميع الأولاد الذكور منهم والإناث، كل حسب يساره، كما قرر ذلك الفقهاء، وسبق بيانه في الفتوى: 127286، والفتوى 414157.
والله أعلم.